وبذلك لا بدّ من تقييد الأدلّة (١) الدالّة على أنّ غير ذات العادة ترجع إلى الصفات بغير المبتدئة كما عرفت.
والجواب عن ذلك هو ما حقّقه شيخنا الأنصاري (٢) قدسسره ، وحاصله : أنّ المرسلة لا تشتمل على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قسم الحائض إلى أقسام ثلاثة ، وإنّما دلّت على أنّه قسم الأحكام والسنن إلى ثلاثة :
الحكم الأوّل : هو وجوب الرّجوع إلى العادة ، وهذا موضوعه ذات العادة كما مرّ.
الحكم الثّاني : هو وجوب الرّجوع إلى التمييز بالصفات ، وهذا موضوعه من لم تكن ذات عادة مستقرة ، بلا فرق في ذلك بين أن تكون مضطربة أو تكون مبتدئة.
الحكم الثالث : هو وجوب الرّجوع إلى الرّوايات والعدد ، وموضوعه من لم يتمكّن من الرّجوع إلى الصفات لعدم اختلاف الأوصاف في دمها ، فهي ترجع إلى العدد بلا فرق في ذلك بين المضطربة والمبتدئة.
وأمّا ذكره عليهالسلام المبتدئة بخصوصها حيث قال : « إنّ هذه لم يكن لها أيّام قبل ذلك قط ، وهذه سنّة الّتي استمرّ بها الدم أوّل ما تراه ، أقصى وقتها سبع وأقصى طهرها ثلاث وعشرون » (٣). وقد كرّر قوله عليهالسلام بعد ذلك « وإن لم يكن لها أيّام قبل ذلك واستحاضت أوّل ما رأت فوقتها سبع وطهرها ثلاث وعشرون » فهو لعله من جهة أن المبتدئة كما قيل لقوّة مزاجها وحرارة بدنها تقذف الدم بلون واحد قبل العشرة وبعدها ، فلا تختلف ألوانه حتّى تتمكّن من التمييز بالصفات ، فهي إنّما ذكرت لأنّها مصداق من مصاديق المرأة الّتي لا تتمكّن من التمييز بالصفات لا لأجل اختصاصها بذلك ، بل المضطربة أيضاً إذا لم تتمكن من التمييز بالصفات ترجع إلى الرّوايات والعدد.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٧٥ / أبواب الحيض ب ٣.
(٢) كتاب الطّهارة : ٢٣٢ السطر ٢٨ / المقصد الثّاني في الحيض.
(٣) الوسائل ٢ : ٢٩٠ / أبواب الحيض ب ٨ ح ٣.