الجلاّلات وحلِّيّة لحمها متوقفتان على انقضاء المدّة المنصوصة بعد زوال عنوانها وهو الجلل ، لأنه تحديد تعبّدي فلا يحكم بارتفاع أحكامها بزوال جللها قبل المدّة المنصوصة في الأخبار ، ومع عدم تماميّة سندها كما مرّ لا مناص من حملها على الندب بناء على التسامح في أدلّة السنن.
ومن المحتمل القريب أن يكون ما ذكرناه هو المراد مما ذكره الشهيد الثاني قدسسره وغيره من اعتبار أكثر الأمرين من المقدر وما يزول به اسم الجلل بأن يقال إن نظره من ذلك إلى أن انقضاء المدة المنصوصة مع بقاء الجلل غير موجب لارتفاع الأحكام المترتبة عليه ، وذلك لأن ظاهر التحديد إرادة مضي المدّة المنصوصة بعد زوال عنوان الجلل.
وأما ما ربما يظهر من كلام صاحب الجواهر قدسسره من الأخذ بالمقدار المنصوص عليه إلاّ مع العلم ببقاء صدق الجلل ، فان انقضاء المدة غير موجب لحلِّيّة الحيوان وطهارة بوله وروثه (١) فلعلّه أيضاً ناظر إلى ما قدمناه بمعنى أنه لا يريد بذلك أن التحديد بالمقدرات المنصوصة تحديد ظاهري وأن المقدرات حجة في مقام الشك والجهل ، بل لعلّ مقصوده أن المقدرات وإن كانت تحديدات واقعية إلاّ أن التمسك بإطلاقها إنما يصحّ في موردين : أحدهما : ما إذا علم زوال اسم الجلل وعنوانه قبل انقضاء المدة المنصوصة في الأخبار. وثانيهما : ما إذا شك في زواله بانقضاء المدّة المقدرة وهو الغالب في أهل القرى والبوادي وغير المطلعين باللغة العربية ، حيث إن أكثرهم غير عالمين بزوال الجلل لجهلهم بمفهومه وأما مع العلم ببقاء عنوان الجلل فلا يمكن الحكم بحليته وطهارة بوله وروثه بمجرد انقضاء المدة المقدرة ، لما تقدم من أن المتفاهم العرفي في أمثال التحديدات الواردة في المقام هو التحديد بعد زوال الموضوع وارتفاعه ولو كان ارتفاعه مقارناً لانقضاء المدة كما مر ، وبهذا يحصل التوافق بين كلمات الشهيد وصاحب الجواهر وما ذكره الماتن ( قدس الله أسرارهم ) إلاّ أن هذا كله مبني على تمامية الأخبار الواردة في التحديد وقد مرّ أنها ضعيفة السند والدلالة. فالصحيح ما
__________________
(١) الجواهر ٣٦ : ٢٧٦.