وإن كان ثمّ توهّم
في القول بالترتيب ، فليكن في قول المحشي : « لم ينهض برهان
من عقل ونقل على أنّ الواجب علينا أولا هو العلم بحكم المولى بالفراغ ، وما نقله
الشيخ عن بعض المحقّقين ـ الجدّ ـ لا ينهض إلاّ على الاجتزاء والاكتفاء [ به ]
وعدم لزوم الاقتصار على تحصيل العلم بالواقع » .
هذا ، ولا أرى في
كلام هذا الإمام أثرا لما استنبطه الشيخ من قوله دون الواقع ، فقد اتضح غاية
الوضوح ان مراده عدم تعين الواقع للامتثال ، بل الواجب بحكم العقل إتيان أحد
الأمرين من الواقع أو مؤدّى الطريق ، وإن شئت قلت : الواقع من طريق العلم أو من
طريق الشرع ، وهو الّذي عبّر عنه بالفراغ بحكم الشارع وبغيره.
فانظر ما أبعد
وأبرد ما أورده عليه غير واحد من أنّ الحكم بالبراءة ليس من وظيفة الشارع ، وإنّما الحكم
فيه للعقل ، وأنّه لا يعقل للمولى حكم مولوي غير أحكامه الظاهرية والواقعية إلى
غير ذلك مما أسدى وألحم على هذا المنوال ، ويأتي تفصيل الحال.
رجع إلى النّظر فيما
أورده الشيخ طاب ثراه.
أطال ـ قدس سرّه ـ
القول في أنّ تفريغ الذّمّة إمّا بإتيان ما أراده الشارع في ضمن الأوامر الواقعية
، وإمّا بإتيان ما حكم حكما جعليا بأنّه نفس المراد وهو مضمون الطرق المجعولة ، لا
أنّه شيء مستقل في مقابل الواقع فضلا عن أن يكون هو المناط في لزوم تحصيل العلم
إلى آخر ما مرّ نقله من الرسالة .
وأقول : لا أخال
أنّه يخفى عليك بعد ما أوضحناه لك من أنّ صاحب
__________________