واعترض عليه في
الحاشية ، بأنّ ذلك يناسب الإمكان الاحتمالي ، بخلاف الإمكان في قبال الامتناع ،
فإنّ الحكم به لا بدّ من البرهان ، ولا يكفي مجرّد عدم الاطّلاع على ما يوجب
الامتناع ، وليس بمجرّد ذلك طريقا يسلكه العقلاء في الحكم به بهذا المعنى ، ولا
بمعنى آخر إلاّ بمعنى الاحتمال ، وأيّ عاقل يحكم بأحد طرفي الاحتمال بلا موجب ولا
مرجّح ، وهل هو إلاّ تحكّم وترجيح بلا مرجّح؟ . انتهى.
وقد حمل هذا
الأستاذ الإمكان على الوقوعي ، فأورد عليه ما أورد ، وليس في كلامهم الّذي سمعته ما
يدلّ عليه ، بل الظاهر منه الإمكان بمعنى الاحتمال لا الاحتمال الّذي قال فيه قبل
ما نقلناه عنه : « لا يحتاج إلى مئونة ، بل يكفي فيه عدم الاطلاع على ما يوجب
استحالته » .
بل الاحتمال الّذي
تثقل عليهم وطأته ، وتعظم مئونته ، فيسهر لياليهم ، ويستوعب أيامهم النّظر في حجّة
مدّعي الامتناع وفي كلّ ما يصلح لها ، وبعد ما يتضح لديهم عدم صلاحية جميع ذلك
للامتناع ، يبنون على الإمكان ، كما قال الشيخ : « إنّا لا نجد في عقولنا بعد
التأمل ما يوجب الاستحالة » .
وهذه محجة سنّها
العقلاء ، وجرى عليها العلماء ، فترى العقلاء إذا قصدوا مسافة بعيدة أو بناء دار
جديدة ، نظروا أوّلا فيما اعتادوه من الموانع عنهما ، فإذا جزموا بعدمها عزموا
عليهما غير مكترثين باحتمال مانع لم يقرع أسماعهم ، ولم تحط به أفكارهم ، ولو بنوا
على الاكتراث بمثل هذا الاحتمال لم ينتظم لهم أمر في معاش أو معاد.
__________________