إذا تجرّد عنها ،
ويكون مشمولا لما ورد من أنّ « نية المؤمن خير من عمله » إذا كان قصد الطاعة ، ولأخبار العفو إذا كان
قصد المعصية ، إمّا مطلقا أو على أحد وجوه التفصيل المفصّلة في ( الرسالة ) وغيرها.
والشيخ الأستاذ
بعد ما حكم على التجرّي بما حكمنا عليه ، جعل العقاب على القصد خاصة ، لظنّه أنّ
العنوان الجامع بين التجرّي والمعصية لا يكون اختياريّا ، مصرّحا بأنّ من شرب
الماء باعتقاد الخمرية لم يصدر منه ما قصده ، وما قصده لم يصدر منه.
ثم أورد على نفسه
بأنه يلزم استحقاق العاصي أزيد من عقاب واحد ، بل عقوبات على نفس الفعل والاختياري
من المقدّمات ، ولا استحقاق في معصية واحدة إلاّ عقوبة واحدة.
وأجاب عنه بأنّ
تعدّد العقوبة يكون بتعدّد إظهار العصيان ، وليس في كل واحد من المعصية والتجرّي
بمجرّد القصد أو مع العمل إلاّ إظهار واحد وان اختلف ما به الإظهار طولا وقصرا ،
وقاسه بشرب قدح من الخمر ، بحيث يعدّ شربا واحدا ، مدّعيا أنّه كشرب جرعة منها .
أقول : لا يخفى
على المتأمّل عدم توقّف البيان الّذي اخترناه على كون الجامع بين التجرّي والمعصية
اختياريا ، ومع الغضّ عنه فمن الواضح أنّ شرب المائع بعنوانه فعل اختياري قصده
الشارب وقد وقع ما قصده ، ولهذا يترتب عليه آثاره ، فيفطر به الصوم ، ويبطل به
الصلاة ، ويحنث به النذر ، وكذا في أمثال هذا المثال ، كمن قتل مؤمنا باعتقاد أنه
زيد فبان أنه عمرو ، ونظر إلى أجنبية قاطعا
__________________