وفيه أولا ، لا
وجه للقول بالصحّة على مذاقه ، فإنّ زمان الخروج زمان المعصية فعلا وإن كان زمان
النهي سابقا ، كما ستعرف » .
حقّا أقول : لو لا
علمي بأنّ هذه الجملة من كلام هذا الفاضل ، ونقلي لها من كتابه ، لتوهّمت أنّه
كلام من لم ير كتاب الفصول في هذه المسألة ، ولم يقرع صماخ سمعه مختار صاحبه.
ولو جرى ـ طاب
ثراه ـ على عادته غالبا من نقل تمام كلامه لما بقي له محل لهذا الاعتراض ، لأنه
أوضح جوابه فيه بأتم بيان ، بعد ما أعطى الاعتراض حقّه من التوضيح ، فراجع ما
نقلناه من قوله : « تأثير النهي في البطلان » تعرف صحّة ما
قلناه.
ولقد تكرّر من أول
البحث إلى هذه الغاية أنّ المنافي للأمر هو النهي في مرتبة بعثه وتقاضيه العدم ،
وبعد سقوطه عنها لا يبقى إلاّ المبغوضيّة الذاتيّة ، وكثير من موارد الأوامر التشريعيّة
ـ إن لم يكن أكثرها ـ من هذا النمط ، أليس الرّجل الغيور يأمر الطبيب بكشف بدن
زوجته ومسّه إذا توقف عليهما العلاج ، والوالد البارّ بولده يأمر بضربه للتأديب؟
إلى غيرهما.
وبالجملة فمن أوضح
الأشياء أنّ المبغوضية الذاتيّة لا تنافي المحبوبيّة التشريعيّة بل التكوينيّة ،
ولذا يقدم على تجرّع مرّ الدواء لمصلحة الإبلال من الداء.
وبالجملة النهي لا
يقتضي الفساد بذاته بل باقتضائه الترك ، فلو نهيت عبدك عن التردّي من الجبل فتردّى
، وسقط النهي عن تأثيره لارتفاع التمكّن ، فهل تجد مانعا من أمره بأن يوجّه يمينه
نحو الشمال ويحرك شماله حال السقوط؟
__________________