يختص المشروط بما كان الشرط من مقدّمات الوجود ، فقول القائل : توضأ إذا وجد الماء ، يكون مشروطا على جميع التعاريف ، وقوله : إذا دخل الأمير البلد فصلّ ركعتين ، خارجا عن حدّ المشروط على الأخير دون الأوّلين.
والأولى أن يلاحظ الإطلاق والاشتراط بالنسبة إلى كل ما يمكن توقفه عليه ، سواء كان من مقدّمات وجوده أم لا.
فإن كان موقوفا عليه ، سمّي مشروطا من هذه الحيثية ، وإلاّ سمّي مطلقا كذلك ، فيكون الحال فيه كالحال في المطلق والمقيد ، فكما يقال : عتق الرقبة مطلق بالنسبة إلى الذكورة والأنوثة ، ومقيّد من حيث الإيمان ، فكذلك في الواجب ، فيقال : وجوب الحج مطلق من حيث قطع المسافة ، مشروط بالاستطاعة.
وفي الفصول ما لفظه : « وقد يطلق الواجب المطلق ويراد به ما لا يتوقف تعلّقه بالمكلّف على حصول أمر غير حاصل ، سواء توقف على غير ما مرّ وحصل كما في الحج بعد الاستطاعة أو لم يتوقف كما مرّ ، وهو بهذا المعنى محلّ النزاع في المبحث الآتي (١) ، ويقابله المشروط وهو ما يتوقف تعلّقه بالمكلّف على حصول أمر غير حاصل ، والنسبة بين كلّ من المطلقين ومشروطه تباين ، وبين كل منهما وكل من الآخرين عموم من وجه » (٢) انتهى ، ثم ذكر في الحاشية بيان النسبة وأمثلتها (٣).
وهذا كما تراه كلام جيّد ، وتنبّه حسن ، إذ دخول البحث في وجوب المقدمة الوجودية للواجب بعد حصول شرط وجوبه ممّا لا نزاع في دخوله في محل النزاع (٤) ، ولم يفرّق أحد من القائلين بوجوب المقدّمة بين مقدمات الواجب
__________________
(١) مبحث مقدمة الواجب. ( مجد الدين ).
(٢) الفصول الغرويّة : ٧٩.
(٣) في حاشية الفصول الغروية : ٧٩.
(٤) بل هو محل النزاع حقيقة. ( مجد الدين ).