خروج بعضها عن
الأصل ، لخصوصيّات لبعض الموادّ ، أو عنايات خارجيّة في بعض الاستعمالات ،
واستقصاء ذلك متعسّر ، بل متعذّر ، ومع ذلك فليس من وظائف هذا الكتاب.
هذا ، وقد كان
السيّد الأستاذ قدّس الله تربته وشرّف رتبته ، يقول ـ عند ذكر بعض هذه الأقسام ـ :
إنّها إنّما تكون بالنظر إلى كلّية الأبواب ، فلا ينافي وجود مادّة من الموادّ غير
قابلة لتمام تلك الاعتبارات ، إذ لم يستعمل بعضها في اللّغة ، أو صرّح بعدمه
علماؤها.
قلت : توقف صحّة
الاستعمال على السّماع ينافي ما أسّسه رحمه الله من الوضع النّوعي للهيئات ، بل
مقتضاه جوازه ، حتّى مع منع الواضع عنه ، لما عرفت سابقا في مبحث معاني الحروف ،
من عدم معقوليّة شرط الاستعمال.
وبالجملة مجرّد
عدم الاستعمال ، بل ومجرّد منع اللّغويّين عن بعض الهيئات في بعض الموادّ لا يوجب
عدم قابليّة المادّة ، بل لا بدّ أن يكون كلّ من عدم الاستعمال أو المنع مسبّبا عن
قصور في نفس المادّة أو الوضع.
أما الأول فمثاله
: المساجلة ، فإنّها بمعنى المفاخرة ، ولا تستعمل من
غير باب المفاعلة ، والسر فيه أنّ السجل في اللّغة بمعنى الدّلو العظيمة ، ولا مناسبة بين الدّلو والفخر حتّى يطّرد القياس ، ويتأتّى منه جميع
الهيئات ، وإنّما المناسبة المصحّحة للاستعمال في خصوص هذا الباب ، أنّ المتفاخرين لمّا كان كلّ منهما إذا أتى بمكرمة لنفسه أو منقبة لعشيرته
عارضه الآخر بمثله ، ونزح من ركيّ مكارمه دلوا كدلوه ، كانا كالمتساجلين ، يمتح هذا دلوا والآخر أخرى.
__________________