ولا يخفى على
الخبير بأن مجرّد المجاورة لا يحسّن الاستعمال ، بل لا بدّ من انضمام خصوصيّات
إليها ، وشرحها لا يناسب المقام ، وربّما يحسّنه مجرّد الاشتراك اللفظي كما في
قوله ـ وقد أخذته حمى النوبة ـ : « وهل يبقى الأمير بغير نوبة » والنوبة بمعناها
الآخر هي الطبول التي تضرب للأمراء في أوقات معيّنة من الليل والنهار ، وهذا قسم
من نكات البديع ، بديع في بابه ، فائق على أترابه ، وهو من النكات العشر التي
استخرجتها وسمّيتها : ( المغالطة اللفظية ) والمتأخرون من علماء البديع ذكروا جملة
من أمثلتها في صناعة التورية وهي بمعزل عنها ، ولها شواهد مليحة ، ولا يناسب
المقام ذكرها ، ولكن لا أملك عنان القلم عن رسم قول القائل ـ في بحر المجتثّ ـ :
يا بدر أهلك
جاروا
|
|
وعلّموك التجرّي
|
وحرّموا لك وصلي
|
|
وحلّلوا لك هجري
|
فليفعلوا ما
يشاءوا
|
|
فإنّهم أهل بدر
|
وقد أحسن ما شاء
وأجاد في الصنعة ، ألا تراه استعار البدر لمحبوبه أوّلا ، وجعل أهله أهل بدر ، ثم
بالمغالطة اللفظية نزّل عليهم المنقول من قوله صلّى الله عليه وآله : ( يا أهل بدر
افعلوا ما شئتم فقد غفر لكم ) .
وربّما يحسن
الاستعمال بغير هذه وتلك ، ألا ترى أنه لو أراد أحد أن يقول
__________________