يقابل إلاّ وجها صبيحا لا يريد إلاّ إلقاء المعنى الأصلي الموضوع له على السامع ، وإفهامه إيّاه وإن لم يكن مطابقا للواقع ، ولم يكن ذلك منه على سبيل الجدّ.
وقد عرفت سابقا أنه لا معنى للاستعمال إلاّ ما أريد إفهامه للسامع وإلقاؤه عليه ، سواء كان صدقا أو كذبا ، جدّاً أو هزلا ، بأيّ داع سنح وغرض اتّفق.
ولو لا إرادة معاني هذه الألفاظ لما كان موقع للتعجب عن محبوبته إذا ظلّلته عن الشمس (١) ، أو زارته آخر الشهر (٢) ، ولا لليأس من رجوع محبوبه (٣) ، ولا لتكذيب الناس إذا رجع (٤) ، ولا للمفاخرة مع قمر السماء بأنّ قمره معدّل بلا تعديل ، وأنه لا ممثّل له ولا مثيل (٥) ، ولا للتعجب عن عدم ذهاب الدجى مع طلوع
__________________
(١)
قامت تظلّلني ومن عجب |
|
شمس تظلّلني من الشمس (١) |
(٢)
زارتك في ليل سرار ومن |
|
أبصر بدرا آخر الشهر |
(٣)
يؤيسني من لقائك قولهم |
|
بأنه لا رجوع للقمر (٢) |
(٤)
رجعت فأحييت الغريّ وأهله |
|
وكذّبت قول الناس لا يرجع البدر(٣ ـ ٤) |
(٥)
قل للسماء دعي الفخار فإنّ ذا |
|
قمري بغير ممثّل ومثيل |
قمر السماء معدّل بثلاثة |
|
ومعدّل قمري بلا تعديل |
١ـ أوّلها :
قامت تظلّلني من الشمس |
|
نفس أعزّ عليّ من نفسي |
( مجد الدين )
(٢) من أبيات صفي الدين الحلّي. انظر ديوانه : ٤٥٥.
(٣) إنّ الخمسة المتحيرة من السيّارات السبعة لها رجوع إقامة واستقامة ، والقمر لا رجوع له ولا إقامة ، فقال : إنّ رجوع بدري دليل على كذب أهل الهيئة حيث قالوا : لا رجوع للقمر. ( مجد الدين ).
(٤) للمصنف طاب ثراه. ( مجد الدين ) وراجع ديوانه : ٨٦.
(٣) إنّ أهل الهيئة والفلك احتاجوا في ضبط حركة القمر إلى ثلاثة تعديلات ، وأثبتوا له أفلاكا كالحامل والجوزهر «٣» ، فقال طاب ثراه : إنّ قمري خير من قمر السماء ، لأنّه معدّل من غير احتياج إلى تعديلات ثلاثة ولا أفلاك متعدّدة. ( مجد الدين ).