مع أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري ومحمد بن يوسف الشيباني ، تجري مجرى الحجج العقلية المقنعة المستندة إلى الكتاب والسنة ، لرد هذا التيار المدمر ، كما أن للإمام الصادق عليهالسلام في هذا المضمون رسالة وجهها إلى أصحاب الرأي والقياس (١) ، ومن مناظراته وكلماته الناصحة بالتخلي عن هذه القواعد في الأحكام ، ما رواه الشيخ الطبرسي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال لأبي حنيفة : « أيما أعظم عند الله ، القتل أو الزنا ؟ قال : بل القتل. فقال عليهالسلام : فكيف رضي في القتل بشاهدين ، ولم يرضَ في الزنا إلّا بأربعة ؟! ثم قال له : الصلاة أفضل أم الصيام ؟ قال : بل الصلاة أفضل. قال عليهالسلام : فيجب على قياس قولك على الحائض قضاء ما فاتها من الصلاة في حال حيضها دون الصيام ، وقد أوجب الله عليها قضاء الصوم دون الصلاة. ثم قال له : البول أقذر أم المني ؟ فقال : البول أقذر. فقال : يجب على قياسك أن يجب الغسل من البول دون المني ، وقد أوجب الله تعالى الغسل من المني دون البول.
ـ إلى أن قال عليهالسلام ـ : تزعم أنك تفتي بكتاب الله ولست ممن ورثه ، وتزعم أنك صاحب قياس وأول من قاس إبليس ، ولم يبنَ دين الله على القياس ، وزعمت أنك صاحب رأي ، وكان الرأي من الرسول صلىاللهعليهوآله صواباً ومن غيره خطأً ، لأن الله تعالى قال : ( فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ ) (٢) ولم يقل ذلك
______________
(١) المحاسن : ٢٠٩ / ٧٦.
(٢) سورة المائدة : ٥ / ٤٨.