ومن موارد التصحيح في هذا الاتجاه ما رواه الكاهلي ، قال : « كتبت إلى أبي الحسن عليهالسلام في دعاء : الحمد لله منتهى علمه. فكتب إلي : لا تقولن منتهى علمه ، ولكن قل منتهى رضاه » (١). فعلم الله ليس له نهاية ولا تحدّه حدود.
مما تقدم تبين أن علمه تعالى محيط بكل شيء ، فلا تخفى عليه خافية في السماوات ولا في الأرض ، وهو سبحانه عالم بمصير الأشياء كلّها غابرها وحاضرها ومستقبلها ، وعالم بالجزئيات كعلمه بالكليات ، وعلمه بالمعدوم كعلمه بالموجود ، وعلمه هذا أزلي قديم لا يتصور فيه الظهور بعد الخفاء ولا العلم بعد الجهل ، قال تعالىٰ : ( إِنَّ اللهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ) (٢).
وعلى هذا الأساس نفى أئمة أهل البيت عليهمالسلام البَداء بمعنى ظهور الشيء بعد خفائه ، لما يترتب عليه من نسبة الجهل إلى الله ، وهو عين الكفر ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
روى ابن سنان عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « إنّ الله يقدم ما يشاء ، ويؤخر ما يشاء ، ويمحو ما يشاء ، ويثبت ما يشاء ، وعنده أم الكتاب. وقال عليهالسلام : لكل أمر يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه ، وليس شيء يبدو له إلّا وقد كان في
______________
(١) الكافي ١ : ١٠٧ / ٤ ، التوحيد : ١٣٤.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ٥.