الفكر ، لأن حديث الغدير من الروايات المتواترة (١) التي أجمع الفريقان على أصلها ، وهي كالتالي : لقد أمر النبي في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة للسنة العاشرة من الهجرة وبعد أداء أعمال حجة الوداع بحَطِّ الرحال في مكانٍ يعرف بغدير خم ، فألقىٰ خطبةً طويلةً ، قم قال : « من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ». وهي واقعة لا يداخلها الشك والترديد ، خصوصاً مع صراحة كلام النبي صلىاللهعليهوآله ، والقرائن الكثيرة الحالية والمقالية الواضحة التي تدلّ على أنّ المراد من المولى الولاية والخلافة ، وليس من الممكن أن يراود الباحث المنصف الشك في هذا المجال ، مع وجود الكمِّ الكبير من الأدلة والشواهد الجليّة. فماذا حصل إذن لينسىٰ الناس كلّ شيءٍ بعد رحيل الرسول صلىاللهعليهوآله ولم يمض على الغدير أكثر من شهرين وبضعة أيام ؟ والأهم من ذلك لماذا اجتمع الأنصار قبل غيرهم لتعيين الخليفة ، وهم السبّاقون إلىٰ الإسلام ، وممّن بذل الغالي والنفيس في سبيل نشر هذا الدين ؟
والأنكىٰ من ذلك ، ما ورد في العديد من روايات الفريقين (٢) : أنّ العباس ( عمّ النبيّ ) كان يطلب السؤال من النبي في آخر لحظات
__________________
(١) ذكرت جميع طرق الرواية في كتاب الغدير للعلاّمة الأميني : ج ١.
(٢) فمن روايات الشيعة في الإرشاد ١ : ١٨٤ ، ومن أهل السنّة في الطبقات الكبرى ١ : ٢٤٥ ، والإمامة والسياسة : ٢١ ، والسقيفة وفدك : ٤٥ ، وتأريخ الطبري ٣ : ١٩٢ و ١٩٣.