جعلت اُولئك الذين طالهم سيف عليٍّ عليهالسلام يضمرون له العداوة ، رغم أنهم كانوا يعتبرون من المسلمين ، ولم ترق لهم خلافته. وليس من المعقول القول بأن هؤلاء قد صهرهم الإسلام في بوتقته وطووا ذكريات الماضي ، فهم لازالوا يعانون من رواسب الجاهلية ، وكمثال لذلك : عندما نزلت سورة المنافقين ، وفضح عبدالله بن اُبيّ ـ زعيم المنافقين ـ طلب ولده من النبي صلىاللهعليهوآله السماح له بقتل أبيه قائلاً : إنّي أخشىٰ أن تأمر به غيري فيقتله ، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن اُبيّ يمشي فأقتله ، فأقتل مؤمناً بكافرٍ فأدخل النار (١).
وهنالك نماذج اُخرى ما زال العهد الإسلامي الأوّل يحتفظ بها ، ولكن فيما ذكرناه كفاية ، فهو يكشف بوضوحٍ كيف يكون ذلك الفرد على استعدادٍ لقتل أبيه ؟ ولكنه لا تطاوعه نفسه ليقوم الآخرون بقتله ، فهو يخشىٰ من أن يضمر لغيره العداوة.
وبذلك تتجلّىٰ حقيقة الحقد علىٰ عليٍّ عليهالسلام في الصدور.
لم يكن البعض ـ نتيجةً لنمط تفكيرٍ جاهليٍّ ـ على استعدادٍ لطاعة شابٍّ صغير السنّ ، فإمارته ـ وكما يرون ـ عارٌ لا يطاق ، فعلى سبيل المثال يقول ابن عباس : إنّي لاُماشي عمر في سكةٍ من سكك
__________________
(١) تفسير الطبري ١٤ : ج ٢٨ ص ١٤٨ حديث ٢٦٤٨٢.