اتضح ممّا مرّ كيفية بيعة عددٍ من أصحاب رسول الله ، ولكن بقي هناك شخصٌ لم يبايع أبا بكر ـ والظاهر أنه قد لجّ في ذلك ـ وهو سعد بن عبادة. وتؤكد الكتب التاريخية الكثيرة أنه لم يبايع أبا بكر وعمر ، وخرج إلىٰ الشام ، وقتل هناك بصورةٍ مثيرةٍ للشكوك.
وأمّا الدعوىٰ الثانية للمستشكل فهي : أنّ سعد بن عبادة بايع أبا بكر في السقيفة ! وأنّ رواية أبي مخنف خالفت غيرها ، وأنّ مخالفة سعد لم ترد من طريق صحيح ، بل الذي ورد خلاف ذلك وهو مبايعته ، وعدم تأثير بيعة سعد على ولاية أبي بكر.
إنّنا ومن أجل إبطال دعوىٰ المستشكل نكتفي بنقل بعض الشواهد :
١ ـ روىٰ البلاذري عن المدائني : أنّ سعد بن عبادة لم يبايع أبا بكر ، وخرج إلى الشام ، فبعث عمر رجلاً وقال : ادعُه إلىٰ البيعة واختل له ، وإن أبىٰ فاستعن بالله عليه ، فقدم الرجل الشام ، فوجد سعداً في حائطٍ بحوارين ، فدعاه إلىٰ البيعة فقال : لا اُبايع قرشياً أبداً ... ، فرماه بسهمٍ فقتله (١).
٢ ـ ويقول المسعودي : خرج سعد بن عبادة ولم يبايع ، فصار إلىٰ الشام ، فقتل هناك في سنة خمس عشرة (٢).
__________________
(١) أنساب الأشراف ٢ : ٧٧٤.
(٢) مروج الذهب ٢ : ٣٠١.