وأخيراً أدرك الخلفاء بعد زمنٍ حقيقة عليٍّ عليهالسلام ، وأنّه على استعدادٍ للتضحية بحقّه من أجل بقاء الإسلام ، وأنّه سيشارك جاهداً لحلِّ مشاكل المجتمع الإسلامي.
فالخلفاء توصّلوا إذن إلىٰ خطئهم ، فغيّروا اُسلوب تعاملهم معه عليهالسلام ، ولم يعترف عليّ بأنّهم خلفاء الرسول صلىاللهعليهوآله .
وهنا يتضح مغزىٰ كلام أبي بكرٍ في اللحظات الأخيرة من حياته :« وددتُ أنّي لم أكن كشفت عن بيت فاطمة » (١) ؛ وذلك لأنّه شعر فيما بعد بفداحة ما قام به من عمل ، إذ لم يكن في ذلك فائدة وبالنسبة له ، ولم تكن هناك ضرورة لذلك ، ولم يجنِ منه سوىٰ غضب فاطمة (٢) التي يغضب الله ورسوله لغضبها (٣).
فالبيعة بمعناها الأوّل لم يقدم عليها عليّ. وأمّا بمعناها الثاني فقد كان عليهالسلام منذ البداية يحسّ بأنّ واجبه الديني يفرض عليه مداراة الخلفاء والاعتزال ، وعدم مواجهتهم أو التعرض لهم.
__________________
(١) السقيفة وفدك : ٧٣ ، والإمامة والسياسة : ٣٦.
(٢) الإمامة والسياسة : ٣١ وفيه : ( فقال عمر لأبي بكر : انطلق بنا إلىٰ فاطمة فإنّا قد أغضبناها ) ، وفي البداية والنهاية ٥ : ٢٧٠ : ( تعتب وتغضب ولم تكلّم الصدّيق حتىٰ ماتت ) ، الغدير ٧ : ٢٢٦ ـ ٢٣١.
(٣) الإمامة والسياسة : ٣١ ، الغدير ٧ : ٢٣١ ـ ٢٣٥ ، روىٰ ٥٩ طريقاً لهذه الرواية.