ومن هنا روي عن ابن عمر ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : « المؤمن الذي يخالط الناس ، ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم » (١).
ولا يخفى على عاقل ما في مخالطة الناس من أمور توجب مداراتهم سيما إذا كانت المخالطة مع قوم مرجت عهودهم واماناتهم وصاروا حثالة.
فقد أخرج الهيثمي ، من طريق إبراهيم بن سعيد ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : « كيف أنتم في قوم مرجت عهودهم واماناتهم وصاروا حثالة ؟ وشبّك بين أصابعه ، قالوا : كيف نصنع ؟ قال : اصبروا وخالقوا الناس بأخلاقهم ، وخالفوهم بأعمالهم » (٢).
وهذا الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط بسنده عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا أبا ذر كيف أنت إذا كنت في حثالة من الناس ـ وشبّك بين أصابعه ـ قلتُ : يا رسول الله ، ما تأمرني ؟ قال : صبراً ، صبراً ، خالقوا الناس بأخلاقهم ، وخالفوهم في أعمالهم » (٣).
وأخرجه الهيثمي عن أبي ذر أيضاً (٤).
أقول : إنّ أبا ذر سُيّر إلى الشام ، وبعد أن أفسد الشام على معاوية بأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر أُعيد إلى المدينة ، ثم نُفي بعد ذلك إلى الربذة
____________
(١) سنن ابن ماجة ٢ : ١٣٣٨ / ٤٠٣٢. وسنن البيهقي ١٠ : ٨٩. وحلية الاولياء / أبو نعيم ٥ : ٦٢ و ٧ : ٣٦٥. والجامع لأحكام القرآن / القرطبي ١٠ : ٣٥٩.
(٢) كشف الأستار / الهيثمي ٤ : ١١٣ / ٢٣٢٤.
(٣) المعجم الأوسط / الطبراني ١ : ٢٩٣ / ٤٧٣.
(٤) مجمع الزوائد / الهيثمي ٧ : ٢٨٢ ـ ٢٨٣ ، كتاب الفتن ، باب في أيام الصبر..