مقدمة
منذ انتقل آية الله الميرزا مهديّ الغرويّ الأصفهانيّ ( ١٣٠٣ ـ ١٣٦٥ ه ) من النجف الأشرف إلى مدينة مشهد المقدّسة عام ١٣٤٠ ه عمل على تكوين نواة بين تلاميذه للاتّجاه الذي آمن به في اكتساب المعرفة الإسلامية.
كان الميرزا قد خرج من تجربة معرفيّة لم يطمئنّ إليها ، فعكف على النصّ الإسلاميّ من خلال القرآن والحديث ، من أجل إنارة العقل والفطرة الصافية. وعمد إلى تخليص قضايا العقل من شوائب الأوهام ، مستعينا على ذلك بتزكية النفس وتقواها ، مقتفيا إلى هدفه خطى المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين. ذلك أنّه كان يرى في القرآن والحديث النبع الصافي الذي تستلهم منه المعرفة الأصيلة ، ويلتمس فيه الهدى والنجاة.
وفي ربع القرن الذي سلخه الميرزا في مشهد المقدّسة عقد حلقات درسه ، وألّف ما ألّف من كتبه ، جادّا في طريقته ، شديدا في نقده ، معنيّا بإيصال ما يهمّه إلى تلاميذه.
وكان ـ رحمهالله ـ مع ذلك من أعلام الفقه وفحول الأصول ، وألقى دروسا فيهما مدّة من الزمان ، وحيث كان يرى سدّ الفراغ في معرفة أصول الدين أهمّ وألزم ، أضاف إلى جلسات درسه في الفقه والأصول دروسا في معرفة المبدأ والمعاد.
كان له رحمهالله تلاميذ ، ثمّ لتلاميذه تلاميذ .. فيهم أعلام بارزون ، وفيهم مؤلّفون ، مزيّتهم أنّهم التزموا المنهج وحافظوا عليه. وحاول بعضهم تنظيم هذا الاتّجاه في طرائقه ومضامين معارفه ، واختار له اسم « مدرسة التفكيك » التي يراد بها : العودة إلى النصّ