فارس ملك الروم (
بكى لذلك ) المسلمون واغتمّوا به ، فأنزل الله قرآنا :
(
الم. غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) يعني غلبتها فارس
( فِي أَدْنَى
الْأَرْضِ ) وهي الشامات وما حولها (
وَهُمْ ) يعني فارس (
مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ ) الروم (
سَيَغْلِبُونَ ) يعني يغلبهم المسلمون (
فِي بِضْعِ سِنِينَ ). قوله : (
لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ ) أن يأمر (
وَمِنْ بَعْدُ ) أن يقضي بما يشاء. قوله : (
وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ ).
قلت : أليس الله
عزّ وجلّ يقول : في بضع سنين ، وقد مضى للمسلمين سنون كثيرة مع رسول الله ، وفي
إمارة أبي بكر ، وإنّما غلب المؤمنون فارس في إمارة عمر ، فقال : ألم أقل لك إنّ
لهذا تأويلا وتفسيرا ، والقرآن ـ يا أبا عبيدة ـ ناسخ ومنسوخ ، أما تسمع قوله : (
لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) ، يعني إليه
المشيئة في القول أن يؤخّر ما قدّم ويقدّم ما أخّر ، إلى يوم يحتم القضاء بنزول
النصر فيه على المؤمنين ، وذلك قوله عزّ وجلّ : (
وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ ) .
وعن الخرائج قال
أبو هاشم : سأل محمد بن صالح أبا محمد عليهالسلام عن قوله تعالى : (
لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) ، فقال : له
الأمر من قبل أن يأمر به ، وله الأمر من بعد أن يأمر به بما يشاء ... الخبر .
وعن العيّاشيّ عن
فضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إنّ الله كتب كتابا فيه ما كان وما هو كائن ،
فوضعه بين يديه ، فما شاء منه قدّم ، وما شاء أخّر ، وما شاء منه محا ، وما شاء
منه أثبت ، وما شاء منه كان ، وما لم يشأ منه لم يكن .
وعن زرارة عن أبي
جعفر عليهالسلام قال : كان علي بن الحسين يقول : لو لا آية من كتاب الله لحدّثتكم بما يكون
إلى يوم القيامة ، فقلت : أيّة آية؟ قال : قول الله : (
يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) .
__________________