وعن موسى بن جعفر عليهالسلام في وصيّته لهشام
: إنّ الله تبارك وتعالى بشّر أهل العقل والفهم في كتابه فقال : (
فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ
أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ ) ... ثم ذمّ الذين
لا يعقلون فقال : ( وَإِذا قِيلَ
لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا
عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا
يَهْتَدُونَ ) . وقال : (
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا
يَعْقِلُونَ ) ... إنّ لله على الناس حجّتين : حجّة ظاهرة ، وحجّة باطنة
، فأمّا الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمّة ، وأمّا الباطنة فالعقول ... ولا علم
إلاّ من عالم ربّانيّ ، ومعرفة العالم بالعقل .
وفي تفسير الإمام عليهالسلام في قصّة آدم
وحواء : .... فأرادت الملائكة أن تدفعها عنها بحرابها ، فأوحى الله إليهم : إنّما
تدفعون بحرابكم من لا عقل له يزجره ، فأمّا من جعلته ممكّنا مميّزا مختارا فكلوه
إلى عقله الذي جعلته حجّة عليه ... الخبر .
وعن أمير المؤمنين
عليهالسلام : العقول أئمّة الأفكار .
وعنه عليهالسلام : العقل شرع من
داخل ، والشرع عقل من خارج .
وبالجملة :
التعبير بأنّه حجة الله وسائر ما ورد في تعظيمه ينافي التشكيك في حجّيّته واحتمال
الخطاء في أحكامه ، أو التبعيض فيها بعد فرض إدراك العقل لها. وليس ذلك إلاّ من
جهة عدم عرفان حقيقة العقل وأحكامه ، وتوهّم أنّ كل ما يحصّله الإنسان ويستنتجه من
المقدّمات فهو حكم العقل.
فلا بدّ من
التحقيق في هذين المقامين ، كما أشار إليه ما عن أبي عبد الله عليهالسلام : اعرفوا العقل
وجنده ، والجهل وجنده تهتدوا ... وإنّما يدرك الحقّ بمعرفة العقل وجنوده ،
__________________