ولا تسلّقا على حائط ولا بابا مفتوحا ولا قفلا ، وبقي السلطان متحيّرا في أمره ما يدري ما يصنع في قضيّته ، فإنّ ورود أحد من الخارج متعذّر مع هذه العلامات ولم يسرق من الدار شيء البتّة ولم تزل الجيران وغيرهم في السجن إلى أن ورد الحاجّ من مكّة فلقي الجيران بالسجن فسأل عن ذلك ، فقيل : إنّ في الليلة الفلانية وجدوا فلانا مذبوحا في داره ولم يعرف قاتله ، ففكّر وقال لأصحابه : أخرجوا صورة المنام فإذا هي ليلة القتل ، ثمّ مشى هو والناس بأجمعهم إلى دار المقتول فأمر بإخراج الملحفة وأخبرهم بالدم فيها فوجدوها كما قال ، ثمّ أمر برفع المردّم (١) فرفع فوجد السكّين تحته فعرفوا صدق منامه وأفرج عن المحبوسين ورجع أهله إلى الإيمان وكان ذلك من ألطاف الله تعالى في حقّ ذرّيّته (٢).
[٣٨] ومنها : ما روي أنّه كان في الحلّة شخص من أهل الدين والصلاح ، ملازم لتلاوة الكتاب العزيز ، فرجمه الجنّ فكانت تأتي الحجارة من الخزائن والروازن المسدودة وألحّوا عليه بالرجم وأضجروه وشاهدت أنا المواضع التي كان يأتي الرجم بها ، ولم يقصّر في طلب العزائم والتعاويذ ووضعها في منزله وقراءتها فيه ولم ينقطع عنه الرجم مدّة ، فخطر بباله أنّه دخل ووقف على باب البيت الذي كان يأتي الرجم منه فخاطبهم وهو لا يراهم وقال : والله لئن لم تنتهوا عنّي لأشكونّكم إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فانقطع عنه الرجم في الحال ولم يعد إليه (٣).
[٣٩] ومنها : قيل : إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام صعد على المنبر يوما في البصرة بعد الظفر بأهلها وقال : « أقول قولا لا يقوله أحد غيري إلاّ كان كافرا : أنا أخو نبيّ الرحمة وابن عمّه وزوج ابنته وأبو سبطيه » ، فقام إليه رجل من أهل البصرة وقال : أنا أقول مثل قولك هذا ، أنا أخو الرسول وابن عمّه ثمّ لم يتمّ كلامه حتّى إذا أخذته الرجفة
__________________
(١) ثوب مردّم ـ بتشديد الدال ـ : خلق مرقّع.
(٢) « كشف اليقين » : ٤٨٠ ـ ٤٨٢.
(٣) المصدر السابق : ٤٨٤ ـ ٤٨٥.