ثمّ قال عليهالسلام : « إنّي لأعرف بطرق السماوات من طرق الأرض ، نحن الاسم المخزون المكنون ، نحن أسماء الله الحسنى التي إذا سئل الله عزّ وجلّ بها أجاب ، نحن أسماء المكتوبة على العرش ، ولأجلنا خلق الله عزّ وجلّ السماء والأرض والعرش والكرسيّ والجنّة والنار ، ومنّا تعلّمت الملائكة التسبيح والتقديس والتوحيد والتهليل والتكبير ، ونحن الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه ».
ثمّ قال عليهالسلام : « أتريدون أن أريكم عجبا؟ » ، قلنا : نعم قال : « غضّوا أعينكم » ، ففعلنا ، ثمّ قال : « افتحوها » ، ففتحناها فإذا نحن بمدينة ما رأينا أكبر منها : الأسواق فيها قائمة ، وفيها أناس ما رأينا أعظم من خلقهم على طول النخل ، قلنا : يا أمير المؤمنين ، من هؤلاء؟ قال : « بقيّة قوم عاد كفّار لا يؤمنون بالله عزّ وجلّ أحببت أن أريكم إيّاهم وهذه المدينة وأهلها أريد أن أهلكهم وهم لا يشعرون ».
قلنا : يا أمير المؤمنين ، تهلكهم بغير حجّة؟ قال : « لا ، بل بحجّة عليهم » ، فدنا منهم وتراءى لهم فهمّوا أن يقتلوه ونحن نراهم وهم يرونا ، ثمّ تباعد عنهم ودنا منّا ومسح بيده على صدورنا وأبداننا وتكلّم بكلمات لم نفهمها وعاد إليهم ثانية حتّى صار بإزائهم وصعق فيهم صعقة ، قال سلمان : لقد ظنّنا أنّ الأرض قد انقلبت والسماء قد سقطت وأنّ الصواعق من فيه قد خرجت فلم يبق منهم في تلك الساعة أحد ، قلنا : يا أمير المؤمنين ، ما صنع الله بهم؟ قال : « هلكوا فصاروا كلّهم إلى النار » ، قلنا : هذا معجز ما رأينا ولا سمعنا بمثله ، فقال عليهالسلام : « أتريدون أن أريكم أعجب من ذلك؟ » فقلنا : لا نطيق بأسرنا على احتمال شيء آخر فعلى من لا يتولاّك ويؤمن بفضلك وعظيم قدرك على الله عزّ وجلّ لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والخلق أجمعين إلى يوم الدين.
ثمّ سألنا الرجوع إلى أوطاننا فقال : « أفعل ذلك إن شاء الله » ، فأشار إلى السحابتين فدنتا منّا فقال عليهالسلام : « خذوا مواضعكم » ، فجلسنا على سحابة وجلس عليهالسلام على الأخرى ، وأمر الريح فحملتنا حتّى صرنا في الجوّ ورأينا الأرض كالدرهم ، ثمّ حطتنا في دار أمير المؤمنين عليهالسلام في أقلّ من طرف النظر ، وكان وصولنا إلى المدينة