الغيب ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ، عرفنا من عرفنا وأنكرنا من أنكرنا ».
ثمّ قام عليهالسلام وقمنا فإذا نحن بشابّ في الجبل يصلّي بين القبرين فقلنا : يا أمير المؤمنين ، من هذا الشابّ؟ فقال عليهالسلام : « صالح النبيّ » ، فقال عليهالسلام : « وهذان القبران لأمّه وأبيه وأنّه يعبد الله بينهما » ، فلمّا نظر إليه صالح لم يتمالك نفسه حتّى بكى وأومأ بيده إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ثمّ أعادها إلى صدره وهو يبكي ، فوقف أمير المؤمنين عليهالسلام عنده حتّى فرغ من صلاته ، فقلنا له : ما بكاؤك؟ قال صالح : إنّ أمير المؤمنين كان يمرّ بي عند كلّ غداة فيجلس فتزداد عبادتي بنظري إليه فقطع ذلك عشرة أيّام فأقلقني ذلك فتعجّبنا من ذلك.
فقال عليهالسلام : « تريدون أن أريكم سليمان بن داود؟ » قلنا : نعم ، فقام ونحن معه حتّى دخل بستانا ما رأينا أحسن منه وفيه من جميع الفواكه والأعناب ، والأنهار تجري ، والأطيار يتجاوبن على الأشجار فحين رأته الأطيار أتت ترفرف حوله حتّى توسّطنا البستان وإذا سرير عليه شابّ ملقى على ظهره واضع يده على صدره ، فأخرج أمير المؤمنين عليهالسلام الخاتم من جيبه ، وجعله في إصبع سليمان بن داود فنهض قائما وقال : السّلام عليك يا أمير المؤمنين ووصيّ رسول ربّ العالمين ، أنت والله الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم ، قد أفلح من تمسّك بك ، وقد خاب وخسر من تخلّف عنك ، وإنّي سألت الله عزّ وجلّ بكم أهل البيت فأعطيت ذلك الملك.
قال سلمان : فلمّا سمعنا كلام سليمان بن داود لم أتمالك نفسي حتّى وقعت على أقدام أمير المؤمنين عليهالسلام أقبّلها ، وحمدت الله تعالى عزّ وجلّ على جزيل عطائه بهدايته إلى ولاية أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، وفعل أصحابي كما فعلت ثمّ سألت أمير المؤمنين : ما وراء قاف؟ قال عليهالسلام : « وراءه ما لا يصل إليكم علمه. فقلنا : تعلم ذلك يا أمير المؤمنين ، فقال عليهالسلام « علمي بما وراءه كعلمي بحال هذه الدنيا وما فيها ، إنّي الحفيظ الشهيد عليها بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله وكذلك الأوصياء من ولدي بعدي ».