وقت الظهر والمؤذّن يؤذّن وكان خروجنا منها وقت علت الشمس ، فقلنا : بالله العجب كنّا في جبل قاف مسيرة خمس سنين ، وعدنا في خمس ساعات من النهار.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « لو أنّني أردت أن أجوب الدنيا بأسرها والسماوات السبع وأرجع في أقلّ من الطرف ، لفعلت بما عندي من اسم الله الأعظم » ، فقلنا : يا أمير المؤمنين ، والله أنت الآية العظمى والمعجزة الباهرة بعد أخيك وابن عمّك (١).
[٣] ومنها : ما روي أنّ أسود أدخل على عليّ عليهالسلام فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي سرقت فطهّرني ، فقال : « لعلّك سرقت من غير حرز » ونحّى رأسه عنه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، سرقت من حرز ، فلمّا أقرّ ثلاث مرّات قطعه أمير المؤمنين ، فذهب وجعل يقول في الطريق : قطعني أمير المؤمنين وإمام المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين ويعسوب الدين وسيّد الوصيّين ، وجعل يمدحه ، فسمع ذلك منه الحسن والحسين وقد استقبلاه فدخلا على أمير المؤمنين وقالا : « رأينا أسودا يمدحك في الطريق ».
فبعث أمير المؤمنين من أعاده إلى حضرته ، فقال له عليّ عليهالسلام : « قطعتك وأنت تمدحني؟ » فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّك طهّرتني وإنّ حبّك من قلبي قد خالط لحمي وعظمي ، فلو قطعتني إربا إربا لما ذهب حبّك من قلبي ، فدعا له أمير المؤمنين ، ووضع المقطوع إلى موضعه ، فصحّ وصلح كما كان (٢).
[٤] ومنها : ما روي أنّ قصّابا كان يبيع اللحم من جارية إنسان ، وكان يحيف عليها ، فبكت وخرجت ، فرأت عليّا فشكته إليه ، فمشى معها نحوه ، ودعاه إلى الإنصاف في حقّها ويعظه ويقول : « ينبغي أن يكون الضعيف عندك بمنزلة القويّ ، فلا تظلم الجارية » ولم يكن القصّاب يعرف عليّا فرفع يده وقال : اخرج أيّها الرجل ، فانصرف عليهالسلام ولم يتكلّم بشيء فقيل للقصّاب : هذا عليّ بن أبي طالب عليهالسلام فقطع يده
__________________
(١) « بحار الأنوار » ٢٧ : ٣٢ ـ ٤٠.
(٢) « الخرائج والجرائح » ٢ : ٥٦١ ـ ٥٦٢ ، ح ١٩ ؛ « بحار الأنوار » ٧٦ : ١٨٨ ، ح ٢٤.