فيحرمون من ذلك المقدار ، فإذا جاز ذلك فقهرا له إبطال ولاية الجدّ على ذلك المقدار من مال الصغار ، فلا مانع من جعل الوليّ على ذلك المال الذي له أن يحرمهم عنه ، ولا يبقى موضوع ومحلّ لولاية الجدّ. وبعبارة أخرى : إن كان إفناء أصل المال بذلك المقدار جائزا للأب كي لا يبقى محلّ وموضوع لولاية الجدّ بالنسبة إلى ذلك المال ، فإفناء التصرّفات فيه جائز بطريق أولى.
وفيه : أنّ هذه مغالطة واضحة ، وذلك لأنّ إفناء جميع ماله جائز بالعقد المنجّز ، بناء على أنّ إخراج المنجّزات من الأصل لا من الثلث ، ومع ذلك جعل الوصي على جميع التركة مع وجود الجدّ لا يجوز حتّى عند المفصّل ، لأنّه يجوز في مقدار الثلث أو ما هو الأقلّ منه ، وأمّا في الزائد فلا.
والسرّ في ذلك : هو أنّ الحكم الشرعي بولاية الجدّ وأنّ ولايته مقدّم على ولاية الوصي والفقيه بعد وجود الموضوع ، وأمّا إن لم يكن موضوع فلا يشمله دليل تقديم ولاية الجدّ على الوصي ، ففرض عدم وجود الموضوع أو جواز إفنائه أجنبي عن محلّ الكلام.
وإنّما الكلام في أنّه مع وجود الموضوع ووجود مال للصغير ، ويكون له جدّ من قبل أبيه ، هل في هذا الفرض جعل الوصي على ذلك المال بأن يكون له النظر دون الجدّ جائز أم لا؟
وفي هذا الفرض معلوم أنّ ولاية الجدّ مقدّم على ولاية الوصي ، فيكون جعله لغوا ، سواء كان في مقدار الثلث أو أقل منه أو أزيد منه.
وأمّا التفصيل الثاني وهو الفرق بين أداء الحقوق فيجوز ، وبين غيره فلا يجوز ، ففي الحقيقة هذا خارج عن محل البحث ، لأنّ الكلام في الوصيّة بالولاية على الصغار أو على أموالهم ، وأداء الحقوق مسألة أجنبيّة عمّا هو محلّ الكلام.
ثمَّ إنّه لا شكّ في أنّ الموصي لو أوصى إليه بالنظر في شيء معيّن ، فليس للوصي