وقبوله تبرأ ذمّته بالنسبة إلى المحيل بنفس الحوالة وقبولها ، لأنّ الدائن استوفى دينه بنفس الحوالة مع قبول المديون ، وتشتغل ذمّة المديون للمحتال إلى أن يؤدّى دينه له.
وأمّا لو لم يكن المحال عليه مديونا للمحيل أصلا ، أي لم تكن ذمّته مشغولة بشيء فتشتغل ذمّة المحيل له بمثل ما أحال إن لم يكن تحويله عليه بشرط أن يعطى للمحتال مجّانا وبلا عوض ، وإلاّ فلا تشتغل ذمّته له بشيء.
وأمّا لو كان مديونا للمحيل بغير جنس ما أحال عليه ، مثلا أحال عليه بدينار وكان مديونا له بدرهم ، فهل تبرأ ذمّته عن دينه له بمقدار قيمة ما أحال ، أم لا تبرأ عمّا في ذمّته شيء ويبقى على ما كان ، نعم تشتغل ذمّة المحيل له أيضا بمقدار ما أحال عليه من نفس جنس ما أحال أو من قيمته ، فذمّة كلّ واحد منهما مشغولة للآخر؟ وجهان.
والحقّ في المقام هو التفصيل بين أنحاء الحوالة ، بأنّ المحيل إذا أحال عليه بغير جنس ما يطلب منه ، كما قلنا إنّه يطلب من المحال عليه من جنس الدراهم ويحول عليه بجنس الدينار وأراد تبديل ما في ذمّته من الدراهم بالدينار أوّلا ثمَّ يعطى الدينار للمحتال وهو قبل هذا المعنى ، ورضى به فيسقط عن ذمّته من الدراهم بمقدار ما أحال عليه من الدنانير. وفي الحقيقة في المفروض معاملتان :
أحدهما : تبديل الدرهم بالدينار ، أي اشتغال ذمّة المحال عليه بالدينار عوض الدراهم التي كانت في ذمّته.
وثانيهما : اشتغال ذمّته للمحتال بالدراهم التي حوّلها عليه.
ولا يخفى أنّ المعاملة الأولى ـ أي التبديل في ضمن الثانية ـ ليست معاملة مستقلّة.
وأمّا إن لم يرد التبديل ، فتكون الحوالة كالحوالة على البريء ، بل هو هو ، لأنّ المحال عليه بالنسبة إلى ما حوّل عليه وإن كان مديونا بشيء آخر فيبقى دينه للمحيل على ما كان ، وتشتغل ذمّة المحيل له بمثل ما أحال ، فكلّ واحد من المحيل والمحال عليه مديون للآخر.