وهذه أجمل الوسائل للارتداع عن الظلم.
ولعظم جريمة الظلم عند الله سبحانه يستجيب دعوة المظلوم على ظالمه كما قال أبو عبد الله عليهالسلام : اتقوا الظلم ، فإن دعوة المظلوم تصعد الى السماء (١).
أقول : إن صعود الدعوة الى السماء كناية عن الإجابة وعدم الردّ.
الإيمان بكلّ شيء هو تمكّن العقيدة من النفس ، فيخلص لها ويتفانى في سبيلها ، لأن العقيدة اذا تمكّنت من الانسان تكون جزء لا يتجزأ من نفسه لا ينفكّ عنها ، بل هي نفسه حقيقة ، فاذا جاز أن يتخلّى الانسان عن نفسه ولا يخلص لها ، جاز أن يتخلّى عن عقيدته ولا يخلص لها.
والعقيدة الدينيّة خاصّة ـ بالاستقراء ـ ولا سيّما الإيمان بالله أقوى من كلّ عقيدة تمكّنا من النفس ، فاذا عرف الانسان ربّه مؤمنا بقدرته وتدبيره وعدله لا بدّ أن يكون مستهينا بجميع شهوات الدنيا غير حافل بحوادثها ، ولا بدّ أن يتّصف بالخصال التي سنقرؤها عن الصادق عليهالسلام التي ينبغي أن يتّصف بها المؤمن.
ومن رأيته لا يتحلّى بها فاعلم أنه ليس بمؤمن حقا ، أو أنه ضعيف الإيمان لم تتمكّن العقيدة من نفسه.
قال أبو عبد الله عليهالسلام في صفة المؤمن : ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال : وقورا عند الهزاهز ، صبورا عند البلاء ، شكورا عند الرخاء ، قانعا بما رزقه الله ، لا يظلم الأعداء ، ولا يتحامل للأصدقاء ، بدنه منه في تعب ،
__________________
(١) الكافي ، باب من تستجاب دعوته : ٢ / ٥٠٩ / ٤.