قال هو خير مني وأتقى ، إنما الناس رجلان ، رجل خير منه وأتقى ، ورجل شرّ منه وأدنى ، فإذا لقي الذي هو خير منه تواضع له ليلحق به ، وإذا لقي الذي هو شرّ منه وأدنى قال لعلّ شرّ هذا ظاهر وخيره باطن فاذا فعل ذلك علا وساد أهل زمانه (١).
ومن بليغ عظاته الجميل وقعها في النفس قوله عليهالسلام وقد سأله رجل أن يعلّمه موعظة :
« إن كان الله قد تكفّل بالرزق فاهتمامك لما ذا ، وإن كان الرزق مقسوما فالحرص لما ذا ، وإن كان الحساب حقا فالجمع لما ذا ، وإن كان التواب عن الله حقا فالكسل لما ذا ، وإن كان الخلف من الله عزّ وجلّ حقا فالبخل لما ذا ، وإن كان العقوبة من الله عزّ وجلّ النار فالمعصية لما ذا ، وإن كان الموت حقا فالفرح لما ذا ، وإن كان العرض على الله حقا فالمكر لما ذا ، وإن كان الشيطان عدوّا فالغفلة لما ذا ، وإن كان الممرّ على الصراط حقا فالعجب لما ذا ، وإن كلّ شيء بقضاء وقدر فالحزن لما ذا ، وإن كانت الدنيا فانية فالطمأنينة إليها لما ذا ». (٢)
أقول : كلّ هذا إنكار على الانسان في اتصافه بتلك الصفات غير المحمودة من الاهتمام والحرص والجمع والكسل الى آخرها مع علمه ومعرفته بأن الله تعالى متكفّل بالرزق وأنه مقسوم وأن الحساب حقّ ... إلى آخر ما ذكره الامام
__________________
(١) مجالس الشيخ الطوسي ، المجلس / ٥.
(٢) كتاب التوحيد للصدوق طاب ثراه ، باب الأرزاق والأسعار والآجال ، وكتاب الخصال : ٢ / ٦١ باب العشرة.