ومن الغريب أنه في الرياض وافق أولا على اشتراط الايمان مستدلا عليه بنصوصه ولكن قال بعد ذلك بصحة عتق الكافر إذا لم يكن عن كفارة. وأغرب منه ما في التنقيح من صحة عتق الكافر غير الجاحد حاكيا له عن العلامة واستحسنه ، وأنه يستحق عليه عوضا يشبه الثواب ، فيسقط بها جزء من عقابه ، ولا يخفى عليك ما فيه بعد الإحاطة بما ذكرناه ، والله المؤيد والمسدد.
وكيف كان ف يعتبر نية التعيين إن اجتمعت أجناس مختلفة على المكلف متماثلة ، كما لو كان عليه كفارة ظهار وقتل خطأ ، أو مختلفة كأحدهما مع كفارة اليمين مثلا على الأشبه بأصول المذهب وقواعده التي منها توقف صدق الامتثال عليه عقلا وعرفا ، كما عرفت في كل عبادة تعدد جنسها على المكلف به ، إذ لا مميز للفعل إلا النية ، والفرض عدم أمر مطلق يقصد امتثاله ، كما أن تعدد السبب لا يقتضي تعدد المأمور به دون الأمر ، فليس خطابه حينئذ بعتق رقبتين ، بل هو مأمور بعتقين أحدهما للظهار والآخر للقتل مثلا ، فلا بد من امتثال كل منهما ، ولا يحصل إلا بملاحظة خصوص كل واحد منهما ، وإلا لم يقع لأحدهما ، فلا يصدق عليه امتثال أحدهما ، مؤيدا ذلك كله بقاعدة الشغل وغيرها.
خلافا للمحكي عن المبسوط ، فاكتفى بالإطلاق مطلقا ووافقه عليه سيد المدارك ، لأصالة البراءة من اشتراطه المقطوعة بما عرفت ، ودعوى حصول الامتثال للأمر بالتكفير وانصرافه إلى واحدة لا بعينها فيبقى في ذمته اخرى الممنوعة على مدعيها بما سمعت ، ضرورة أنه لا أمر بالتكفير على جهة الإطلاق ، وإنما الموجود الأمر بالتكفير المقيد ، وليس امتثاله عرفا بالمطلق الذي لم يتعلق به أمر ، ولو سلم نظير ذلك في الدفع وفاء عن الدين المتعدد بسبب الرهانة في بعضه دون آخر أو بسبب اختلاف من له الدين فيتحقق الوفاء مع إطلاق الدفع وإن كان الاحتمالات في توزيعه أو تعيينه بعد الدفع أو القرعة متعددة ، ففرق واضح بين العبادة المتوقف صحتها على ملاحظة امتثال الأمر المتعلق بها بخلاف وفاء الدين المتحقق عرفا صدقه وإن فقد التعيين المزبور ، فقياس ما نحن فيه على ذلك ـ كما يومئ إليه ما تسمعه عن الشيخ