الاقتصار على المتيقن المنافي لإطلاق الأدلة ، بل لعل فورية الخيار على خلاف الأصل لمنع كونه من التخصيص بالأزمان ، فأصالة بقاء الزوجية ولزوم المناكحة منقطعة حينئذ بالعتق المقتضي للخيار المستصحب بقاؤه ، فيعكس الأصل حينئذ ، ومن تعليق الخيار على العتق بالفاء المفيدة للتعقيب بلا مهلة في بعض الروايات العامية (١) التي هي غير حجة عندنا بعد فرض تسليم الدلالة على أنها معارضة بما في بعضها (٢) مما هو مقتض للتراخي من « دوران معتب خلف بريرة في سلك المدينة باكيا يترضاها وجعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شفيعا في ذلك ، حتى قال لها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالت : يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أتأمرني؟ فقال لها : لا بل إنما أنا شافع ، فقالت : لا حاجة لي فيه » واحتمال أن ذلك كله قد كان للعقد عليها جديدا مناف لظاهر ما في بعضها من أنه (٣) « يدور خلفها يترضاها لتختاره » وقد ظهر من ذلك أن العمدة في الفورية الإجماع المزبور إن تم.
ومن هنا اتجه بقاء خيارها لو أخرت الفسخ للجهل بالعتق أو الخيار كما عن الأصحاب القطع به ، بل لعله كذلك لو جهلت الفورية ، وإن ناقش فيه بعضهم ، بل وفي صورة الجهل بالخيار بعد العلم بالعتق ، وكذا لو نست أحدهما ، ضرورة عدم الإجماع في هذا الحال ، بل لعله محقق على العكس ، ومنافاة السقوط لحكمة مشروعية الخيار وهي الإرفاق ، مضافا إلى بقاء إطلاق الأدلة في هذه الأحوال ، بل في المسالك والرياض قبول دعواها في الجهل والنسيان بيمينها مع الإمكان في حقها ، لأن ذلك لا يعرف إلا من قبلها ، وأصالة الجهل مستصحبة ، وهو جيد في الجهل ، أما في النسيان فقد يناقش بأصالة عدمه ، فهي مدعية محضة ، وعدم العلم بالنسيان إلا من قبلها لا يصيرها بحكم المنكر بعد أن لم يكن عنوانا للحكم ، وإلا لاقتضى ذلك تقديم مدعي النسيان في كثير من الموارد المعلوم كون الحكم بخلافها ، فتأمل.
ولو أعتقته الصغيرة أو المجنونة تخيرتا فورا عند البلوغ والرشد بناء على عدم
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٢١.
(٢ و ٣) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٢٢.