حيث المحو التام ، ومن ذلك يظهر ما في الذكرى من أن من المبطلات السكوت الطويل الذي يخرج به عن كونه مصليا ، وظاهر الأصحاب أنه كالفعل الكثير ، فحينئذ يشترط فيه التعمد ، فلو وقع نسيانا لم تبطل ، ويبعد بقاء الصلاة على الصحة فيه وفي الفعل الكثير المخرجين عن اسم المصلي بحيث يؤدي إلى انمحاء صورة الصلاة ، كمن يمضي عليه الساعة والساعتان أو معظم اليوم ، قلت : بل هو مقطوع بعدمه ، ولعله هو مراد جامع المقاصد وكشف اللثام من البطلان به عمدا وسهوا ، لكن كان على الثاني منهما التفصيل كما سمعته في الفعل الكثير بناء على أن السكوت منه.
وعلى كل حال فلا يريد الأصحاب بالسكوت المختص بحال العمد دون السهو الماحي للصلاة مطلقا كي يتوقف فيه ، ومن ذلك ما لو قرأ كتابا في نفسه من غير نطق واشتغل به عن الصلاة عمدا ، فان طال بحيث حصل المحو أو فاتت الموالاة بطل ، وإلا فلا ، للأصل والاضطرار إلى التصور وإطلاق الأدلة ، خلافا لأبي حنيفة فأبطلها بذلك ولا ريب في ضعفه ، والله أعلم.
ومنها البكاء لشيء من أمور الدنيا من فقد ميت أو تلف مال ، فان تعمده مبطل للصلاة على المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا ، بل لم أجد فيه خلافا كما اعترف به بعضهم ، بل لا خلاف فيه في المحكي من شرح نجيب الدين العاملي ، بل في المدارك ظاهر هم أنه مجمع عليه ، بل في الحدائق دعواه صريحا ، وفي التذكرة « والبكاء خوفا من الله سبحانه وخشية من عقابه غير مبطل للصلاة وإن أنطق بحرفين فصاعدا ، وإن كان لأمور الدنيا بطلت صلاته وإن لم ينطق بحرفين عند علمائنا » وبذلك كله ينجبر خبر النعمان بن عبد السلام (١) عن أبي حنيفة المروي في التهذيب « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن البكاء في الصلاة أيقطع الصلاة؟ قال : إن بكى لذكر جنة
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة ـ الحديث ٤.