جيدا جدا لكنه خلاف ظاهر الأصحاب ، اللهم إلا أن يبنى بعض ما ينافي ذلك من كلماتهم على التسامح ، وإلا فمراد الجميع أو الأكثر ذلك ، لكن على كل حال لا يتم معه قول المصنف وبأيهما بدأ كان الثاني مستحبا ضرورة عدم استفادة تعقيب الصيغة الثانية بالأولى من النصوص ، بل ولا من المصنفات عدا كتب المصنف ومن تبعه كما اعترف به الشهيد بخلاف العكس ، ولعله أخذه منه بدعوى استفادة رجحان قول سببي التحليل منه استظهارا واحتياطا كالوضوء بعد الوضوء ، لكنه كما ترى ، وأضعف منه الاستناد إلى إطلاق ما دل على الأمر به تقدمت الصيغة الثانية أولا ، إذ لا إطلاق معتد به صالح لذلك ، فالأولى الاقتصار على تعقيب الصيغة الثانية ، والظاهر إرادة كونه جزءا مستحبا لا خارجا ، لكثير من الأدلة التي سمعتها سابقا ، إلا أنه قد ينافيه صحيح الحلبي (١) السابق الظاهر في انتهاء الأجزاء حتى المندوبة بالصيغة الأولى ، ويمكن حمله على غير التسليم ، كما أنه بناء على ما ذكرنا من الوجوب التخييري بين الهيئات لا نحتاج إلى شيء من ذلك ، فتأمل جيدا فان المقام من مزالق الأفهام.
ويكفيك أن الشهيد رحمهالله مع شدة تبحره وحسن وصوله إلى المطالب الغامضة قد اضطرب عليه المقام كما لا يخفى على كل ناظر للذكرى إلى أن قال : « هذه المسألة من مهمات مسائل الصلاة ، وقد طال الكلام فيها ، ولزم منه أمور ستة : أحدها القول بندبية التسليم بمعنييه كما هو مذهب أكثر القدماء ـ ورده بمنافاته المتواتر من القول الذي لم يقرن بما يدل على ندبيته ، وبغير ذلك مما عرفته سابقا ـ ثانيها وجوبه بمعنييه ، أما السلام عليكم فلإجماع الأمة ، وأما الصيغة الأخرى فلما مر من الأخبار (٢) التي لم ينكرها أحد من الإمامية مع كثرتها ، لكنه لم يقل به أحد فيما علمته ـ قلت :
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب التسليم ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب التسليم.