بل الممتنع خفاء الحكم فيه ، ورفع اليد عن ذلك بما سمعته من النصوص كما ترى ، خصوصا مع ضعف سند بعض نصوص التقييد ولا جابر ، والتعبير بلفظ « ينبغي » في خبر أبي بصير السابق (١) وخبر عمر بن يزيد (٢) قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الإقامة بغير أذان في المغرب فقال : ليس به بأس ، وما أحب أن يعتاد » وإمكان دعوى ظهور خبر الصباح منها في إرادة الكراهة من النهي الثاني ، أو بيان شدة التأكد بقرينة النهي الأول الذي هو بعض منه ، بل لا ينكر ظهور مثل هذا التعبير في ذلك عرفا ، بل لعل قول الباقر عليهالسلام : « أدنى ما يجزي » إلى آخره ظاهر أيضا في إرادة الاجزاء في الفضل والندب ، ضرورة تقابله بالأكثر المراد منه ذلك قطعا ، بل هو المراد من اللابدية في صحيح صفوان كما يومي اليه التعليل بعدم التقصير الذي لا مدخلية له في تقصير الأذان بمعنى الاقتصار منه على الإقامة ، كما قال الصادق عليهالسلام في خبر عبد الرحمن (٣) : « يقصر الأذان في السفر كما تقصر الصلاة ، يجزي إقامة واحدة » بل يومي اليه أيضا الأفضلية في ذيله المشعرة بأن غيره ذو فضل ، وليس هو حينئذ إلا الندب ، ولذا جعله بعضهم من أدلة الندب ، ومثله موثق سماعة.
وبالجملة الخروج عن الإطلاقات المزبورة بمثل هذه النصوص كما ترى ، فلا ريب حينئذ في استحبابه فيهما كغيرهما من الفرائض التي لا نجد خلافا في عدم وجوبه فيها ، بل الإجماع بقسميه عليه ، كما أن النصوص عموما وخصوصا مستفيضة فيه ، إلا أنه فيهما مؤكد للنصوص المذكورة ، فحينئذ يتم الإجماع المزبور من هذه الجهة ، بل قد عرفت إمكان دعوى البسيط منه ، إذ المخالف في الإقامة فيهما هو المخالف في الإقامة للجميع ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة ـ الحديث ٧.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة ـ الحديث ٦.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب الأذان والإقامة ـ الحديث ٩.