بم استحللتم قتالنا والخروج من جماعتنا إن اختار الناس رجلين ، فقالوا لهما : انظرا بالحق فيما يصلح العامة ليعزل رجل ، ويوضع آخر مكان آخر. أحل لكم أن تضعوا سيوفكم على عواتقكم تضربون بها هامات الناس وتسفكون دماءهم ، إن هذا لهو الخسران المبين » (١)
ولما علموا أنهم لا يستطيعون أن يناقشوا الامام في كلامه نادى بعضهم بعضا :
« لا تخاطبوهم ولا تكلموهم ، تهيئوا للقاء الحرب ، الرواح الرواح إلى الجنة. »
ولما يئس الامام من ارشادهم وإرجاعهم الى طريق الحق عبأ جيشه وأمر بان لا يبدءوهم بقتال حتى يقاتلوهم ، ولما نظر الخوارج الى هذا التهيؤ استعدوا وتهيئوا ، وكانت نفوسهم مترعة بالشوق الى الحرب وقلوبهم تتحرق الى القتال تحرق الظمآن الى الماء ، وهتف بعضهم فيهم :
« هل من رائح الى الجنة؟ »
فأجابوه جميعا الرواح الى الجنة ، ثم حملوا حملة منكرة وهم يهتفون بشعارهم ( لا حكم إلا لله ) فانفرجت لهم خيل الامام فرقين ، فرق تمضي الى الميمنة وفرق تمضي الى الميسرة ، والخوارج يندفعون بين الفريقين ، فتلقاهم أصحاب الامام بالنبل وما هي إلاّ ساعة حتى قتلوا عن آخرهم ولم يفلت منهم الا تسعة (٢)
__________________
(١) الامامة والسياسة ج ١ ص ١٥٥.
(٢) الملل والنحل للشهرستانى ج ١ ص ١٥٩ وجاء فيه انه انهزم منهم اثنان الى عمان ، واثنان الى كرمان ، واثنان الى سجستان ، واثنان الى الجزيرة ، وواحد الى تل موزون ، واخذ هؤلاء يبثون فكرتهم في