في القول فالتاع من ذلك وانبرى يقول : « من عادى عمارا عاداه الله ، ومن أبغض عمارا ابغضه الله. » (١) وجرت بينه وبين شخص مشادة فقال لعمار : سأعرض هذه العصا لأنفك ، فلما سمع ذلك رسول الله (ص) غضب واندفع يقول : « ما لهم ولعمار يدعوهم الى الجنة ، ويدعونه الى النار ، إن عمارا جلدة ما بين عيني وأنفى فاذا بلغ ذلك من الرجل فاجتنبوه » (٢) ويقول فيه : « ما خير عمار بين امرين الا اختار ارشدهما » (٣)
وظل عمار موضع عناية النبي وتبجيله وتقديره لما يرى فيه من الاخلاص والزهد فى الدنيا ، والحب للحق وقد شهد مع النبي بدرا وأحدا والمشاهد كلها ، وشارك فى بناء المسجد النبوي فكان المسلمون يحمل كل واحد منهم لبنة لبنة ، وهو يحمل لبنتين لبنتين ، وهو يقول : « نحن المسلمين نبتنى المساجد » وكان النبي يرجع عليه بعض قوله فيقول « المساجد » وشارك كذلك في حفر الخندق وكان يمسح التراب عنه ، وهكذا كان عمار فى طليعة أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في ايمانه واخلاصه وعظيم بلائه وعنائه في سبيل الاسلام ، ولما انتقل النبي الى حضيرة القدس لازم أمير المؤمنين وكان متفانيا في حبه ، ولا يرى أحدا خليقا بالخلافة غيره ومن أجل ذلك تخلف عن بيعة أبي بكر واحتج عليه ، وقد تقدم بيان ذلك ولما آل الامر الى عثمان ، وسلك غير الجادة نقم منه عمار واشتد فى معارضته والانكار عليه ، وقد نكل به عثمان ، واعتدى عليه ، وقابله بافحش القول وأمره ، وكان ذلك في مواضع عدة وهي :
__________________
(١) مسند احمد ٤ / ٨٩
(٢) سيرة ابن هشام ٢ / ١١٤
(٣) سنن ابن ماجة ١ / ٦٦ مصابيح السنة ٢ / ٢٨٨