لقد امره الامام الحسن عليهالسلام بالصبر على ما انتابه من الكوارث والخطوب التي صبها عليه القوم ليلقى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو عنه راض.
والقى ابو ذر على أهل البيت نظرة مقرونة بالتفجع والاسى والحسرات وتكلم بكلمات يلمس فيها ذوب قلبه على هذا الفراق المرير قال :
« رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة ، اذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما لي بالمدينة سكن ولا شجن (١) غيركم إني ثقلت على عثمان بالحجاز كما ثقلت على معاوية بالشام ، وكره أن اجاور أخاه وابن خاله بالمصرين (٢) فأفسد الناس عليهما فسيرنى الى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع إلا الله ، والله ما أريد إلا الله صاحبا ، وما اخشى مع الله وحشة .. »
وانصرف أبو ذر طريدا في فلوات الارض شريدا عن حرم الله وحرم رسوله قد باعدته السياسة العمياء ، وفرقت بينه وبين اهل البيت الذين يكن لهم أعمق الود وخالص الحب من أجل حبيبه وصاحبه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
لقد مضى أبو ذر الى الربذة ليموت فيها جوعا ، وفي يد عثمان ذهب الارض يصرفه على بني أمية ، وعلى آل ابي معيط ، ويحرمه على شبيه المسيح عيسى بن مريم في هديه وسمته.
ورجع الامام امير المؤمنين مع اولاده من توديع ابي ذر ، وقد علاه الاسى والحزن فاستقبلته جماعة من الناس فاخبروه بغضب عثمان واستيائه منه
__________________
(١) السكن : الاهل والشجن : من يهواه ويحبه
(٢) المصرين : البصرة ، ومصر وكان والي البصرة عبد الله بن عامر ابن خال عثمان ، ووالي مصر عبد الله بن سعد بن ابي سرح وهو اخو عثمان.