أن وحدة السياق القرآني تقتضي نزول آية التطهير فيهنّ. وبناءً على هذا القول سيكون حديث الكساء معبّراً عن إرادة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إدخال علي وفاطمة والحسنين عليهمالسلام مع أزواجه في هذه الآية المباركة تكريماً لهم وتعظيماً.
وقد مرّت على هذين الدليلين قرون عديدة ، وكل من كتب في نصرة القول الثاني اتّكأ عليهما واستظل بظلهما ، ولم يلتفت ـ مع الأسف ـ إلى الطرف الآخر ، ولم يعتنِ بجوابه كما يقتضيه العلم ، بل لم يعبأ بما قاله جملة من كبار علماء أهل السنة أنفسهم في نقد دليلي إدخال الأزواج مع أهل البيت عليهمالسلام في آية التطهير ، مما يدل على أن الحوار الإسلامي الهادف لم يجد أرضاً خصبة عند شريحة واسعة من المسلمين على الرغم من تمادي القرون وشدة الحاجة إلى مواجهة الموروث الفكري والعقائدي بنوايا مخلصة وشجاعة علمية كافية في مواجهة نقاط الاختلاف والصبر على مناقشتها إلى آخر المطاف.
نعم ، كان تقييم كلا القولين المعتمدين في تحديد مفهوم (أهل البيت) ، وعلى ضوء الموازين العلمية المحررة في مظانّها ، موجوداً وميسراً ؛ ولكنه لم يَحْضَ بتلك العناية المناسبة ، ولم يتعرض للنقد المنصف البعيد عن فكرة الانتصار لهذا القول أو ذاك والاطاحة بالآخر ، الأمر الذي يجعلنا نجدد دعوتنا بكلّ صدق وإخلاص إلى تحمّل المسؤولية الشرعية في ضرورة النظر إلى مقومات الدليل المهمل على امتداد التاريخ.
وربما يُقال بأنّ الجمع بين كلا القولين لا ضيرَ فيه ، وهو ممكن في ذاته ، إذ لا تدافع ولا تنافي أو تعارض بينهما حتى لا يمكن الجمع بينهما ، ومعنى هذا أنه لا حاجة إلى بيان أدلة أيٍّ منهما ؛ خصوصاً وأن لكل منهما قاعدة إسلامية عريضة ترى صحة قولها ولا تشك فيه أبداً.