وعلى هذا لا يبقى لتحديد المراد من أُولي الأمر إلاّ الرأي الذي قدّمناه ، وهو قول الشيعة بأنهم الأئمة الاثنا عشر المعصومون عليهمالسلام ، وهو التفسير الصحيح المنسجم مع روح القرآن والواقع الإسلامي والمدعوم بالأثر المتواتر الصحيح.
أُثيرت حول هذا القول شبهات عديدة ، كان أهمها ما ذكره الرازي في تفسيره ، حيث قال : وأما حمل الآية على الأئمة المعصومين ، كما تقوله الروافض ، ففي غاية البعد لوجوه :
أحدها : ما ذكرناه أن طاعتهم مشروطة بمعرفتهم وقدرة الوصول إليهم ، فلو أوجب علينا طاعتهم قبل معرفتهم ، كان هذا تكليف ما لا يطاق ، ولو أوجب علينا طاعتهم إذا صرنا عارفين بهم وبمذاهبهم ، صار هذا الايجاب مشروطاً ، وظاهر قوله : ( أطيعوا اللّه وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) يقتضي الإطلاق.
وأيضاً ففي الآية ما يدفع هذا الاحتمال ، وذلك أنه أمر بطاعة الرسول وطاعة أولي الأمر في لفظةٍ واحدةٍ ، وهي قوله : ( وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) واللفظة الواحدة لا يجوز أن تكون مطلقة ومشروطة معاً ، فلما كانت هذه اللفظة مطلقة في حق الرسول ، وجب أن تكون مطلقة في حق أولي الأمر.
الثاني : إنه تعالى أمر بطاعة أُولي الأمر ، وأُولو الأمر جمع ، وعندهم لا يكون في الزمان إلاّ إمام واحد ، وحمل الجمع على المفرد خلاف الظاهر.
وثالثها : إنه قال : ( فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى اللّه والرسول ) ولو كان المراد بأولي الأمر الإمام المعصوم ، لوجب أن يقال : فإن تنازعتم في شيء