النظر الرابع : في الصلاة.
ومطالبه ثلاثة : الأول في واجبها ، وفيه مسائل :
الأولى : تجب النيّة المشتملة على قصد الفعل على وجهه تقرّبا الى الله تعالى ، لأنّها عبادة وعمل ، فتدخل تحت ( وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ ) (١).
و « إنّما الأعمال بالنيات » (٢) وعن الرضا عليهالسلام : « لا عمل إلاّ بنيّة » (٣) ، ولأن الفعل إذا أمكن وقوعه على وجوه بعضها غير مراد للشارع لم يحصل الامتياز إلاّ بالنيّة ، وإلاّ لزم الترجيح من غير مرجّح.
وهي فعل قلبي لا عمل للسان فيها ، لأنّها إرادة والإرادة من فعل القلب.
ولو جمع بين القلب واللسان جاز ، والأقرب : عدم استحبابه ، لعدم نقله عن السلف الصالح. وتخيّل أنّه زيادة مشقة فيستتبع الثواب : ضعيف ، لأنّ المشقة المعتبرة هي ما أمر به الشارع ، والتقدير خلوّه عن أمره.
ولتكن مقارنة للتكبير : لأنّه حين الاحتياج الى التمييز والشروع في العبادة.
ويجب استدامتها الى آخر الفعل ، لتقع الأفعال بعدها بنيّة. وتكفي الاستدامة الحكميّة ، تفاديا من لزوم الحرج المنفي لو لزم البقاء عليها فعلا ، لما يعرض من الصوارف والشواغل في القلب. وهذا حكم عام في جميع العبادات.
تفريع :
لا يشترط التعرّض لكونها فرض كفاية ، بل يكفي نية مطلق الفرض ؛
__________________
(١) سورة البينة : ٥.
(٢) التهذيب ٤ : ١٨٦ ح ٥١٩ ، مسند أحمد ١ : ٢٥ ، صحيح البخاري ١ : ٢ ، صحيح مسلم ٣ : ١٥١٥ ح ١٩٠٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ ح ٢٢٠١ ، الجامع الصحيح ٤ : ١٠٧٩ ح ٢١٤٧ ، السنن الكبرى ٧ : ٣٤١.
(٣) أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٣.