وفي ذلك يقول الشاعر هذه الابيات :
لم تخل أفعالنا اللاتي نذم بها |
|
إحدى ثلاث معان حين نأتيها |
إما تفرد بارينا بصنعتها |
|
فيسقط اللوم عنا حين ننشيها |
أو كان يشركنا فيها فيلحقه |
|
ما سوف يلحقنا من لائم فيها |
أولم يكن لالهي في جنايتها |
|
ذنب فما الذنب إلا ذنب جانيها |
فس : وأما الرد على المجبرة الذين قالوا : ليس لنا صنع ونحن مجبرون ، يحدث الله لنا الفعل عند الفعل ، وإنما الافعال هى منسوبة إلى الناس على المجاز لا على الحقيقة ، وتأولوا في ذلك آيات من كتاب الله عزوجل لم يعرفوا معناها ، مثل قوله : «وما تشاؤون إلا أن يشاء الله» وقوله : «ومن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا» وغير ذلك من الآيات التي تأويلها على خلاف معانيها ، وفيما قالوه إبطال الثواب والعقاب ، وإذا قالوا ذلك ثم أقروا بالثواب والعقاب نسبوا الله إلى الجور ، وأنه يعذب على غير اكتساب وفعل ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا أن يعاقب أحدا على غير فعل وبغير حجة واضحة عليه ، والقرآن كله رد عليهم ، قال الله تبارك وتعالى : «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت» فقوله عزوجل : «لها وعليها» هو على الحقيقة لفعلها ، وقوله : «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره» وقوله : «كل نفس بما كسبت رهينة» وقوله : «ذلك بما قدمت أيديكم» ، وقوله : «وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى» : وقوله : «إنا هديناه السبيل» يعني بينا له طريق الخير وطريق الشر «إما شاكرا وإما كفورا» وقوله : «وعادا وثمود. وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين * وقارون وفرعون وهامان ولقد جائهم موسى بالبينات فاستكبروا في الارض وما كانوا سابقين فكلا أخذنا بذنبه» فلم يقل : بفعلنا «فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الارض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون» ومثله كثير. «ص ٢٠ ـ ٢١»