٣٣ ـ ج : وروى أنه دخل أبوحنيفة المدينة ومعه عبدالله بن مسلم فقال له : يا أبا حنيفة إن ههنا جعفر بن محمد من علماء آل محمد عليهمالسلام فاذهب بنا اليه نقتبس منه علما فلما أتيا إذا هما بجماعة من شيعته ينتظرون خروجه أو دخولهم عليه ، فبينما هم كذلك إذ خرج غلام حدث(١) فقام الناس هيبة له ، فالتفت أبوحنيفة فقال : يابن مسلم من هذا؟ قال هذا موسى ابنه ، قال : والله لاجبهنه(٢) بين يدي شيعته قال : مه لن تقدر على ذلك ، قال : والله لافعلنه(٣) ثم التفت إلى موسى عليهالسلام فقال : ياغلام أين يضع الغريب حاجته في بلدتكم هذه؟ قال : يتوارى خلف الجدار ، ويتوقى أعين الجار ، وشطوط الانهار ، ومسقط الثمار ، ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ، فحينئذ يضع حيث شاء ، (٤) ثم قال : يا غلام ممن المعصية؟ قال : يا شيخ لا تخلو من ثلاث إما أن تكون من الله وليس من العبد شئ فليس للحكيم أن يأخذ عبده بما لم يفعله ، وإما أن تكون من العبد ومن الله والله أقوى الشريكين فليس للشريك الاكبر أن يأخذ الشريك الاصغر بذنبه ، وإما أن تكون من العبد وليس من الله شئ فإن شاء عفى وإن شاء عاقب. قال : فأصابت أبا حنيفة سكتة كأنما القم فوه الحجر ، (٥) قال : فقلت له ألم أقل لك لا تتعرض لاولاد رسول الله صلىاللهعليهوآله ؟ «ص ٢١٠ ـ ٢١١»
________________
(١) الحدث : الشاب.
(٢) أى لانكسن رأسه ، وفى نسخة : لاهجبنه لعله من«الهجب» : السوق والسرعة ; الضرب بالعصا. ، وفى الاحتجاج المطبوع : والله اخجله.
(٣) يعرف من هذا نفسيات إمام السنة ورزانته وعفافه في الحجاج! هبه لم يكن يرى لسلالة النبوة قداسة وحرمة فبم كان يرى إباحة تخجيل امرء مسلم ، وهو يراه غلاما حدثا؟ لم يكن بينه وبينه عداوة ولا خصام ; كما يعرف تبحر الامام عليهالسلام في الاصول والفروع وقوة حجاجه وهو غلام حدث.
(٤) أقول : أخرج الكلينى صدر الحديث من قوله : «يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم» في المجلد الاول من فروع الكافى ص ٦ عن على بن ابراهيم رفعه ، وفيه زيادة وهو هكذا : فقال : اجتنب أفنية المساجد ، وشطوط الانهار ، ومساقط الثمار ، ومنازل النزال ، ولا تستقبل القبلة بغائط ولا بول ، وارفع ثوبك ، وضع حيث شئت. وأورده الشيخ باسناده عن الكلينى في التهذيب ج ١ ص ٩.
(٥) مثل سائر يضرب لمن تكلم فاجيب بمسكتة.