فصل
هل قضية المقدمات على تقدير سلامتها هي حجية الظن بالواقع ، أو بالطريق ، أو بهما؟ أقوال :
والتحقيق أن يقال : إنه لا شبهة في أن همّ العقل في كلّ حال إنما هو تحصيل الأمن من تبعة التكاليف المعلومة ، من العقوبة على مخالفتها ، كما لا شبهة في استقلاله في تعيين ما هو المؤمّن منها ، وفي أن كلما كان القطع به مؤمّنا في حال الانفتاح كان الظن به مؤمّنا حال الانسداد جزما ، وإن المؤمّن في حال الانفتاح هو القطع بإتيان المكلف به الواقعي بما هو كذلك ، لا بما هو معلوم ومؤدى الطريق ومتعلق العلم ، وهو طريق شرعا وعقلا ، أو بإتيانه الجعلي ، وذلك لأن العقل قد استقل بأن الإتيان بالمكلف به الحقيقي بما هو هو ، لا بما هو مؤدى الطريق مبرئ للذمة قطعا.
كيف؟ وقد عرفت أن القطع بنفسه طريق لا يكاد تناله يد الجعل إحداثا وإمضاء ، إثباتا ونفيا ، ولا يخفى أن قضية ذلك هو التنزل إلى الظن بكل واحد من الواقع والطريق ، ولا منشأ لتوهم الاختصاص بالظن بالواقع إلّا توهم أنه قضية
______________________________________________________
الظنية وعدم جواز الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية بعد قيام الدليل على عدم إهمالها رأسا ، وذلك لقبح ترجيح المرجوح ، وعلى ذلك فاللازم على المجتهد تحصيل الظن بالتكليف في كل واقعة ليعمل به هو أو مقلدوه ، ومع عدم إمكان تحصيل الظنّ أو عدم حصوله يكون المرجع الأصل النافي ، إلّا إذا كان في خصوص المسألة علم إجمالي بالتكليف فيها ، وقد ذكر الماتن قدسسره وغيره بأنه عند الدوران يتعيّن تقديم الإطاعة الظنية لاستقلال العقل بقبح ترجيح المرجوح على الراجح ، إلّا أنه لا تصل