دلالة لها على حجية الخبر بما هو خبر ، حيث إنه ليس شأن الراوي إلّا الإخبار بما تحمله ، لا التخويف والإنذار ، وإنما هو شأن المرشد أو المجتهد بالنسبة إلى المسترشد أو المقلد.
قلت : لا يذهب عليك أنه ليس حال الرواة في الصدر الأول في نقل ما تحملوا من النبي صلىاللهعليهوآله أو الإمام عليهالسلام من الأحكام إلى الأنام ، إلّا كحال نقلة الفتاوى إلى العوام.
ولا شبهة في أنه يصح منهم التخويف في مقام الإبلاغ والإنذار والتحذير بالبلاغ ، فكذا من الرواة ، فالآية لو فرض دلالتها على حجية نقل الراوي إذا كان مع التخويف ، كان نقله حجة بدونه أيضا ، لعدم الفصل بينهما جزما ، فافهم. ومنها : آية الكتمان (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا ...) الآية [١].
______________________________________________________
في الاستدلال على اعتبار الخبر الواحد بآية الكتمان
[١] قد يستدل بقوله سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)(١) وتقريب الاستدلال هو أنّ الغرض والغاية من وجوب الإظهار أو حرمة الكتمان ترتب التصديق العملي على الإظهار ، ومقتضى إطلاق الآية وجوب الإظهار ولو فيما لا يوجب العلم للسامعين ، ومقتضى وجوب الإظهار في الفرض ترتب وجوب العمل على طبقه وهذا معنى التعبّد بالإظهار ، وبتعبير آخر يكون الإظهار حجة ويعتبر علما ولو فيما لا يوجب العلم وجدانا نظير ما يذكر في قوله سبحانه (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ)(٢) من أنّ نهي المرأة عن كتمانها حتى في صورة عدم إفادة إظهارها العلم بالصدق مقتضاه اعتبار قولها في إخبارها بحملها ، وقد أورد
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ١٥٩.
(٢) سورة البقرة : الآية ٢٢٨.