فصل
قد عرفت حجية ظهور الكلام في تعيين المرام [١]. فإن أحرز بالقطع وأن المفهوم منه جزما ـ بحسب متفاهم أهل العرف ـ هو ذا فلا كلام ، وإلّا فإن كان لأجل احتمال وجود قرينة فلا خلاف في أن الأصل عدمها ، لكن الظاهر أنه معه يبنى على المعنى الذي لولاها كان اللفظ ظاهرا فيه ابتداء ، لا أنه يبنى عليه بعد البناء على عدمها ، كما لا يخفى ، فافهم.
______________________________________________________
في احتمال وجود القرينة
[١] قد تقدم أنّ للكلام ظهورين ، أحدهما : المدلول الاستعمالي.
وثانيهما : المدلول التصديقي بمعنى كون المدلول الاستعمالي مطابقا للمراد الجدّي للمتكلّم ، وإذا احرز المدلول الاستعمالي ببركة العلم بالوضع أو بالقرينة وعدم ثبوت قرينة على تخالفهما يؤخذ بمقتضى الموافقة المعبّر عن ذلك بحجيّة الظهور الاستعمالي على المراد الجدّي بلا فرق بين أن يكون احتمال تخالفهما ناشئا عن اتكال المتكلّم على قرينة منفصلة متقدمة أو متأخرة لم يظفر بها بعد الفحص واليأس عن الظفر بها ، أو عدم ذكر القرينة على التخالف لمصلحة في إخفائها أو أنّ كلام المتكلّم وصل إلينا بطريق النقل ولم ينقل الراوي تلك القرينة الدالّة على مراده الجدّي ، ففي جميع ذلك يؤخذ بالظهور الاستعمالي المحرز لكونه حجة على المراد الجدّي ، والتعبير بأصالة العموم أو الإطلاق بعد عدم الظفر بالمخصص والمقيّد والقرينة على ارادة التخلف مما جرت عليه سيرة العقلاء ، وأمّا الاصول التي يحرز بها المدلول الاستعمالي للكلام فنقول : الشك في المدلول الاستعمالي له صور :
الأولى : ما إذا علم أوضاع الألفاظ والهيئات الواردة في الخطاب ومع ذلك