لا يوجب تضييقا في الموضوع بخلاف التخصيص فإنّه يوجب تضييقا في ناحية الموضوع بحسب مقام الثبوت وأمّا بحسب مقام الإثبات فدليل المخصّص يدلّ على انتفاء الحكم مع بقاء الموضوع الموجود فيكون من السالبة بانتفاء المحمول والموضوع في الموت التكويني غير موجود ويكون الحكم المنحلّ فيه من السالبة بانتفاء الموضوع وعليه فلا وجه للقياس والتنظير كما لا يخفى.
ومنها ما في نهاية الدراية من أنّ التخصيص لا يحدث عنوانا ايجابيّا أو سلبيّا في موضوع حكم العامّ بل يمتنع ذلك ببيان أنّه ليس للموضوعيّة للبعث الحقيقيّ الموجود بوجود منشأ انتزاعه مقام إلّا مقام تعلّق البعث الإنشائي بشيء وجعل الداعي إلى غير ما تعلّق به البعث الانشائي محال لأنّه مصداق جعل الداعي والمفروض تعلّقه بهذا العنوان فصيرورته داعيا إلى غير ما تعلّق به خلف محال.
فليس شأن المخصّص إلّا إخراج بعض أفراد العامّ وقصر الحكم على باقي الأفراد من دون أن يجعل الباقي معنونا بعنوان وجوديّ أو عدميّ.
ويشهد له مضافا إلى البرهان أنّ المخصّص إذا كان مثل لا تكرم زيدا العالم لا يوجب إلّا قصر الحكم على ما عداه لا على المعنون بعنوان ما عدا زيدا وشبهه (١).
يمكن الجواب أوّلا بالنقض بما إذا جعل المبعوث إليه عنوانا طبيعيّا واريد منه فردا منه فإنّ العرف لا يرى ذلك خلفا وهكذا كثيرا ما يذكر شرائط المبعوث إليه أو قيوده مع الانفصال ومع ذلك لا يراه العرف منافيا للبعث نحو المطلق أو العامّ.
وثانيا : بالحلّ فإنّ عدم لزوم الخلف والمنافاة عند العرف ليس إلّا من جهة أنّ البعث عندهم على قسمين بعث ظاهريّ وبعث واقعيّ فالظاهريّ منه متعلّق بالمطلق أو العامّ والواقعيّ منه غير مذكور وإنّما يكشف بالتخصيصات المتأخّرة كما أفاد بعض
__________________
(١) نهاية الدراية : ٢ / ١٩٢.