موضوع الأحكام الواقعيّة متقيّدا بالعلم حتّى يلزم التصويب فلا مجال لما ذكره في مصباح الاصول ، ولعلّ مراد صاحب الدرر من التجرد لم يتّضح له وقد عرفت أنّ المراد منه هو التجرّد بالمعنى الحرفى لا الاسمى فتدبّر جيّدا.
أورد عليه أيضا سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره أوّلا بأنّ ذلك مبني على امتناع أخذ ما يأتي من قبل الأمر في دائرة موضوع الحكم كالشكّ في الحكم والعلم به وقد قدّمنا صحّة الأخذ في باب التعبّدىّ والتوصّلى واعترف قدسسره بصحّته فعدم اجتماع العنوانين في الذهن من هذه الجهة ممنوع.
وثانيا بأنّ ما أفاده في دفع الإشكال من أنّ موضوع الحكم الواقعي هو الذات المجرّد عن الحكم غير واضح فإنّه إن أراد من التجرّد لحاظ الماهيّة مقيّدة بالتجرّد عن الحكم حتّى يصير الموضوع هو الطبيعة بشرط لا فهو خلاف التحقيق فإنّ متعلّق الأوامر إنّما هو نفس الطبائع غير مقيّد بشىء من القيود حتى التجريد على أنّه أي لحاظ تجرّد الموضوع عن الحكم يستلزم تصوّر الحكم في مرتبة الموضوع مع أنّه حكم بامتناعه وجعل الحالات اللاحقة للموضوع كالحكم والشكّ فيه ممّا يمتنع لحاظه في ذات الموضوع وإن اراد من التجرّد عدم اللحاظ أعني اللابشرط فهو محفوظ في كلّ مرتبة مرتبة الحكم الواقعيّ والظاهري فيصير مقسما لمعلوم الحكم ومشكوكه فعاد المحذور.
وثالثا بأنّ الإهمال في الثبوت غير متصوّر فإنّ الصلاة وإن كانت واجبة في نفس الأمر إلّا أنّ الصلاة المشكوك حكمها لأجل ابتلائها بالمزاحم الأقوى ومزاحمة الجهة المبغوضيّة الموجودة فيها في حال الشكّ مع المحبوبيّة الكامنة في ذاتها يستلزم تقيّد الوجوب في ناحية الوجوب المتعلّق بالصلاة ويختصّ الوجوب بغير هذه الصورة