ويمكن الجواب عنه بأنّ العبرة في المصلحة السلوكيّة بسلوك الأمارات الحاكية عن الأحكام الشرعيّة لا الأمارات الواردة في الامور العادية ؛ لانصرافها عنها ، كما لا يخفى.
ورابعا : بأنّ لازم تدارك المصلحة الواقعية بالمصلحة السلوكيّة هو الإجزاء وعدم لزوم الإعادة والقضاء ؛ إذ لو لم يتدارك مصلحة الواقع لزم قبح الأمر ، بالتطرّق ولو تدارك سقط الأمر والمفروض أنّ المصلحة القائمة بتطرّق الطريق ليست مقيّدة بعدم كشف الخلاف. (١)
ويمكن الجواب عنه بأنّ لزوم القول بالاجزاء على السببيّة بالمعنى المذكور ليس من موهنات الجواب عن استحالة التعبّد بالأمارات بالمصلحة السلوكيّة ، بل هو من مقتضيات تدارك مصلحة الواقع بمصلحة سلوكيّة وسقوط الأمر.
فتحصّل : أنّ التعبّد بالأمارات بناء على السببيّة أيضا ممكن بعد ما عرفت المراد من المصلحة السلوكيّة ، فالحكم في الواقع موجود وإنّما سقط الأمر به عن التأثير لمزاحمته مع المصلحة السلوكيّة ، فيصير شأنيّا ، ولكن يكون بحيث لو علم به لا يعذر في تركه ، فيجمع بين الحكم الواقعي والظاهري باختلاف المرتبة.
وإليه يؤوّل ما في الوقاية حيث قال : إنّ العادل وإن أخبر بعنوان أنّه الواقع ، ولكن الشارع لم يعتبره من هذه الجهة ، بل بعنوان أنّه ممّا أخبر به العادل وهو من باب اعتباره من باب الموضوعية والمعتبر الجهة من حيث ما اعتبره الشارع لا ما أخبر به العادل (٢).
__________________
(١) تهذيب الاصول ٢ : ٦٥.
(٢) الوقاية : ٤٩٨.