الواقعي فلا يتزاحمان ، فلا تغفل.
وثانيا : بأنّ السببيّة بهذا المعنى ممّا لا يمكن الالتزام به ؛ لكونه مستلزما لتبدّل الحكم الواقعي بنوع من التصويب ، إذ لو فرض كون سلوك الأمارة مشتملا على مصلحة يتدارك بها مصلحة الواقع الفائتة لا يعقل تعلّق الإيجاب بالواقع يقينا ؛ لكونه ترجيحا بلا مرجّح ، بل لا بدّ من تعلّق الإيجاب بالواقع وسلوك الأمارة تخييرا ، مثلا لو فرض أنّ مصلحة صلاة الظهر تقوم بأمرين : أحدهما نفس صلاة الظهر والآخر سلوك الأمارة الدالّة على وجوب صلاة الجمعة لمن لم ينكشف له الخلاف فامتنع من الشارع الحكيم تخصيص الوجوب الواقعي بخصوص صلاة الظهر لقبح الترجيح بلا مرجّح. وهذا هو نوع من التصويب ، ويدلّ على بطلانه الإجماع والروايات الدالّة على اشتراك الأحكام بين العالم والجاهل (١).
ويمكن الجواب عنه بأنّ الأمارات واعتبارها وسلوكها في طول الأحكام الواقعية ؛ إذ ليس سلوك الأمارة في عرض الأحكام الواقعيّة حتّى يتعلّق الإيجاب بالواقع وسلوك الأمارة تخييرا ، بل يتقيّد الحكم الظاهري بعدم وصول الواقعيّ ، فمن علم بالحكم الواقعيّ فلا حكم له إلّا الحكم الواقعيّ ومن جهل به لم يصل الحكم الواقعيّ إليه حتّى يكون مخيّرا بينه وبين الحكم الظاهري. وبعبارة اخرى : التخيير يجري في العرضيّات لا في الطوليّات.
وثالثا : بأنّ المصلحة قائمة بالتطرّق والسلوك بلا دخالة للواقع في حدوث تلك المصلحة. وعليه فلو أخبر العادل عن الامور العادية لزم العمل على قوله في هذه الموارد ؛ لأنّه ذو مصلحة سلوكيّة ، وهو كما ترى (٢).
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٩٧.
(٢) تهذيب الاصول ٢ : ٦٤ ـ ٦٥.