عقلا كما في
الجاهل القاصر أو شرعا كمن قامت عنده أمارة معتبرة على خلافه. ومن المعلوم أنّ مع
الرخصة في تركه لم ينتف الحكم واقعا ، بل هو موجود في الواقع بحيث لو علم به لما
كان معذورا فيه.
وهذا لم يكن في
الصورة الاولى ؛ إذ لا حكم فيها ، ولا فى الثانية ؛ لأنّ مع الكسر والانكسار في
نفس الفعل ليس فيه حكم بحيث لو علم به لا يعذر فيه ، بل الموجود فيه هو حكم شأنيّ
بمعنى أنّ مصلحة الحكم لو لم تكن منكسرة في الفعل كان لها شأنيّة الحكم. ومن
المعلوم أنّ العلم بالحكم الشأنيّ المذكور لا يوجب التنجيز.
وتلخّص من جميع ما
ذكر : أنّ ما ذكره ابن قبة من استحالة التعبد بخبر الواحد أو بمطلق الأمارة الغير
العلمية ممنوع على إطلاقه ؛ لما عرفت من الإمكان في الصورة الثالثة ، وإنّما يقبح
ذلك على بعض الوجوه ، وهو الوجه الأوّل والثاني .
والظاهر من عبارة
الشيخ قدسسره هو رفع التضادّ والمناقضة ونحوهما من المحذورات بالمصلحة
السلوكيّة بناء على السببيّة. أيضا ؛ فإنّ الحكم الواقعي موجود معها ، وإنّما كان
متزاحما بما يمنع عن تأثيره وهو يكون بحيث لو علم به لا يعذّر فيه ، فلا يلزم منه
التصويب كما يلزم ذلك في الوجه الأوّل والثاني ؛ لعدم حكم فعليّ فيهما غير مؤدّى
الأمارة.
ولكن أورد عليه :
أوّلا : بأنّ
السلوك ليس أمرا وراء الفعل الذي يوجده المكلّف ويكون محكوما بالحكم الواقعي كصلاة
الجمعة مثلا وفي مقام التحقّق لا ينفكّ عنه ، فصلاة الجمعة التي يوجدها المكلّف هي
بعينها محقّقة للسلوك ومصداق له ، وليس تحقّق السلوك إلّا بنفس هذا الفعل ، والقول
بالسببيّة إنّما يتمّ إذا كان هناك عنوان ذو
__________________