والالتزام به في مقام العمل على أنّه هو الواقع وترتيب الآثار الشرعيّة المترتّبة عليه واقعا يشتمل على مصلحة فأوجبه الشارع ، ومعنى إيجاب العمل على الأمارة وجوب تطبيق العمل عليها لا وجوب إيجاد عمل على طبقها ؛ إذ قد لا تتضمّن الأمارة إلزاما على المكلّف ، فإذا تضمّنت استحباب شيء أو وجوبه تخييرا أو إباحة وجب عليه إذا أراد الفعل أن يوقعه على وجه الاستحباب أو الإباحة بمعنى حرمة قصد غيرهما كما لو قطع بهما ، وتلك المصلحة لا بدّ أن يكون ممّا يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع لو كان الأمر بالعمل به مع التمكّن من العلم ، وإلّا كان تفويتا لمصلحة الواقع ، وهو قبيح ، كما عرفت في كلام ابن قبة.
وحاصل الكلام : ثبوت الفرق الواضح بين جعل مدلول الأمارة حكما واقعيّا والحكم بتحقّقه واقعا عند قيام الأمارة وبين الحكم واقعا بتطبيق العمل على الحكم الواقعيّ المدلول عليه بالأمارة كالحكم واقعا بتطبيق العمل على طبق الموضوع الخارجيّ الذي قامت عليه الأمارة.
ودعوى : أنّ مرجع تدارك مفسدة مخالفة الحكم الواقعي بالمصلحة الثابتة في العمل على طبق مؤدّى الأمارة إلى التصويب الباطل ؛ نظرا إلى خلوّ الحكم الواقعي حينئذ عن المصلحة الملزمة التي يكون في فوتها المفسدة.
مندفعة : بمنع كون هذا تصويبا ، كيف والمصوبة يمنعون حكم الله في الواقع؟! فلا يعقل عندهم إيجاب العمل بما جعل طريقا إليه والتعبّد بترتيب آثاره في الظاهر. بل التحقيق عدّ مثل هذا من وجوه الردّ على المصوّبة ؛ لوجود الحكم الواقعي في الصورة الثالثة ؛ إذ المراد بالحكم الواقعي الذي يلزم بقاؤه هو الحكم المتعيّن المتعلّق بالعباد الذي تحكي عنه الأمارة ويتعلّق به العلم والظنّ وامر السفراء بتبليغه وإن لم يلزم امتثاله فعلا في حقّ من قامت عنده أمارة على خلافه ، إلّا أنّه يكفي في كونه الحكم الواقعي أنّه لا يعذر فيه إذا كان عالما به أو جاهلا مقصّرا والرخصة في تركه